سره الباتع: هل من حق صناع الدراما تغيير بالتاريخ؟
في ورش كتابة السيناريو، بيتعلم الدارسين نقطة مهمة في بداية مسيرتهم: بلاش تحط قدام عينك انك عاوز تكتب أحسن وأفضل وأضخم سيناريو في العالم. لأن الفشل هايكون مصيرك في النهاية. كل تركيزك هو أنك تحكي الحكاية بأقل قدر ممكن من التعقيد. بشكل أو بأخر، سقط صناع (سره الباتع) في الفخ ده.
من اللحظة الأولى للإعلان عن بداية تصوير (سره الباتع) والمسلسل ملاحق بكمية لا تنتهي من الجدل والنقاشات على مواقع السوشيال ميديا. لأن المسلسل يعتبر الأول في مسيرة مخرجه خالد يوسف، بعد غياب طويل عن العمل الفني، ولأن المسلسل بيضم كوكبة من النجوم، قلما اتقابلوا في عمل واحد.
سره الباتع بيحكي عن (حامد) الشاب المصري اللي عايش في القاهرة الحديثة، واللي بيحاول يتتبع قصة حياة (السلطان حامد) الشاب اللي انضم للمقاومة الشعبية ضد الحملة الفرنسية في مصر. من خلال مخطوطة أثرية بتحكي القصة الأسطورية لبطل مصري تحول بعد وفاته لمقام ولي من أولياء الله الصالحين اللي (سرهم باتع).
الحملة الترويجية للمسلسل وأسماء المشاركين فيه، خلت سقف توقعات المشاهدين في السماء، بالتالي لما اتعرض المسلسل اتعرض لموجة شديدة من الانتقاد ومحاولة ابراز الأخطاء والعيوب بشكل مبالغ فيه، وتخصص البعض في أنهم يوقفوا الكادرات كادر كادر بحثا عن تفصيلة هنا أو هناك مش ماشية مع الحقبة الزمنية. وكأن الهدف هو اكتشاف الغلط مش الاستمتاع بالأحداث!
لكن من ناحية تانيه مانقدرش نقول أن (سره الباتع) عمل لا يخلو من الأخطاء. وأهم خطأ من وجهة نظرنا وقع فيه المسلسل، هو رفع سقف التوقعات عند المشاهد أنه هايشوف عمل ملحمي تاريخي، والحقيقة أن الأعمال اللي بتتناول فترات تاريخية، بيتم تفسيرها في الغالب بشكل خاطئ، وهي أنها وثيقة تاريخية مش مجرد عمل الغرض منه التسلية. بالتالي بنتوقع منه أنه يقدم التاريخ زي ما حصل بالظبط. مش زي ما الفنانين أصحاب العمل عاوزين يوروه لنا. والحقيقة احنا منحازين لفكرة أن من حق الدراما تغيير التاريخ علشان تقدم قصة متماسكة قابلة للإمتاع.
بعيدا عن كل الجدل ده.. تعالوا نتكلم كفنيين.. أحمد فهمي في دور البطولة عامل دور كويس جدا، وقادر يخرج بره العباءة المعتاده له، وعرف يعمل للكاراكتر بتاعه لزمات في المشي وطريقة التعامل، والتزم بيها طوال الأحداث ودي حاجه تحسب له.
نفس الكلام عن أحمد صلاح السعدني، اللي بيثبت طول الوقت أنه موهبة حقيقية لم يتم الاهتمام بيها وتوظيفها صح الفترة الطويلة الماضية، ودوره في (سره الباتع) بيأكد على نفس الكلام.
دور الشاعر هشام الجخ في أول ظهور له على الشاشة يعتبر جيد. احنا عارفين كمية (السف) اللي حصلت على مشهد اطلاق النار على السوشيال ميديا، بس ياجماعة لازم نتعامل ببعض التفهم مع واحد بيعمل دوره الدرامي الأول في حياته، وأنه مش قادم من بيئة تمثيلية تشخيصية بالأساس.
بشكل عام. سره الباتع عل من الصعب الحكم عليه خلال الموسم الرمضاني، الزمن هو اللي هايحدد هل المسلسل يستحق يتشاف أكتر من مره ويتم تحليلة والتركيز على جمالياته بعيدا عن ضجة السوشيال ميديا، ولا هايكون عمل مكتوب له النسيان، وهايتم تصنيفه كمسلسل حاول يكون عظيم وفشل أن يكون… (سره باتع).