كفر ناحوم: قنبلة العشوائيات المسكوت عنها
على الرغم من أن فكرة تقديم فيلم عن العشوائيات أتكررت قبل كده كتير. لكن قرار المخرجة اللبنانية المميزة نادين لبكي أنها تقدم فيلم عن العالم ده كان كفيل بتغيير معادلات كتير. يمكن لأنها قررت تسليط الضوء على عالم العشوائيات اللبناني بأقل تدخل منها. مع الاهتمام بتصوير المشاهد في بيئتها الحقيقية تقريبا.
كفر ناحوم بيستعرض قصة الطفل زين اللي بيقرر يرفع قضية على أهله علشان أنجبوه! وعلشان نفهم أكتر دواعي القضية المرفوعة بنعيش في سلسلة لا تنتهي من التحايلات على لقمة العيش والسعي اليومي للفوز بأبسط حقوق البشر في عالم عشوائيات لبنان.
لكن على الرغم من الإستغراب اللي ممكن يصيب كتير من المشاهدين (هو لبنان فيها مناطق كده فعلا؟!) هانشوف بنفسنا أن واقع العشوائيات في الدول العربية مش بيختلف تقريبا. وأن المناطق العشوائية في لبنان شبه نفس المناطق في مصر والأردن والمغرب وكل المنطقة العربية. قنبلة موقوته الكل خايف من أنفجارها ومش عاوز يقرب لها.
زي أبو بكر شوقي مخرج فيلم يوم الدين قررت نادين لبكي تصور الواقع بالظبط. علشان كده أستعانت بممثلين من البيئة دي ودربتهم على التمثيل. وصورت بكاميرات محمولة علشان تضمن (حقيقية الصورة) لكن ده أثر على جودة الصورة والصوت في بعض المشاهد، وخلى المشاهدين يحسوا بالحيرة ما بين مشاهدتهم فيلم روائي أو وثائقي. لكن بشكل عام النتيجة النهائية كانت ممتازة.
الأداء التمثيلي لكل ابطال الفيلم كان ممتاز. يمكن لأن نسبة (التمثيل) في الفيلم كانت اقل ما يمكن. وكان كل واحد من الأبطال بيقوم بدوره تقريبا في الحياة. وده أدى لخروج بعض المشاهد مع أداء مش احترافي شوية لكن المشاهد يقدر يغفر ده لأنه عارف الحقيقة.
وعلى الرغم من التصوير اللي أهتم برصد الواقع في المقام الأول. مافاتش نادين انها تخلق كادرات رائعة واختياراتها لألوانها وزوايا التقاطها كان أكثر من رائع. والحقيقة أن نادين لبكي بتؤكد في كل عمل لها على أنها واحدة من أهم مخرجات الوطن العربي.
كفر ناحوم عمل سينمائي مميز الى اقصى درجة. لكن نسبة (الوجع) والكأبة اللي في أحداثه ومشاهده ممكن تخلي الفيلم مش مناسب للناس اللي متوقعة أنها هاتتفرج على مجرد (محاكاة) للواقع لكنهم في النهاية هايشوفوا الواقع بكل مشاكله ومصاعبه. في النهاية مانقدرش نقول غير برافو نادين لبكي وكل العاملين في الفيلم
