مقالات كايرو 360

أزمة منتصف العمر: هل هانقتل حامل الرسالة؟!

قراءة سهلة

في واحد من مقالاته بعنوان “اقتلوا حامل الرسالة” بيحكي الدكتور أحمد خالد توفيق رحمه الله، عن قصة ليوسف إدريس، عن واحده بتتعرض لمحاولة تحرش في الاتوبيس، ولما بترفع صوتها بالاستغاثة بينهال عليها الركاب بالضرب لأنها وضعتهم في مواجهة مباشرة مع أخلاقهم وقدرتهم على انقاذها. هل بعض المشاهدين بتعمل نفس اللي حصل في القصة مع مسلسل أزمة منتصف العمر؟

أزمة منتصف العمر مسلسل بيحكي عن طبيب الأسنان الناجح الوسيم الغني عمر (كريم فهمي) اللي بيتجوز مريم (رنا رئيس).. وهي بنت من نفس الفئة المادية والاجتماعية بتاعته. وبعد المشاكل اللي بتحصل في أول فترة الارتباط والجواز، بتبدأ مشكلة جديدة لما عمر بيتورط في علاقة جنسية مع حماته، وبتبدأ الأحداث في التشعب، خاصة مع وجود أطراف تانية عاوزه تستفيد من اللي حصل لصالحها.

الدنيا اتقلبت على العلاقة المُحرمة اللي اتعرض لها المسلسل، وانقسم الناس لفريقين، فريق شايف أن دي حاجه بتحصل في المجتمع، وأن قصة المسلسل ماهي الا نقل للرسالة، وحامل الرسالة لا يُقتل. وناس تانيه شايفه أن استعراض حاجه زي دي في الدراما العربية بيكسبها نوع من الشرعية وممكن يشجع الناس على تكرار نفس الجريمة.

بعيدًا عن الأراء اللي بتتكلم عن ما حول المسلسل، احنا حابين نتناقش كفنيين عن المسلسل نفسه.. عن الأداء التمثيلي الأكثر من ممتاز من ريهام عبد الغفور، اللي بتبذل كل جهدها علشان تخرج بره نمط البنت الطيبة الجميلة الرقيقة اللي كان ممكن تكون مُحاصرة فيه لولا ذكائها الفني وموهبتها الفذة. علشان كده هانشوف ريهام في أعمال زي الغرفة ٢٠٧ اللي عملت فيه دور مرعب، أو مسلسل الأصلي، وأخيراً دورها في أزمة منتصف العمر اللي عملته بإجادة عظيمة تستحق الإشادة عليها كمعظم أعمالها.

كريم فهمي هو كمان عمل دوره بشكل كويس، وكان فاهم أبعاد الشخصية واختلافها باختلاف الأحداث، يمكن السيناريو ما ساعدوش علشان يخرج بره إطار الشخصية بشكل كبير، بمعنى أن كل ما شخصية (عمر) كانت تتعرض لمشكلة في الأحداث كان كل تفكيرها هو السفر والهرب وعمل حياه جديدة. لكن طبعا دي مش مشكلة كريم بقدر ماهي مشكلة (ورق المسلسل) وإن كان كريم يعتبر من المشاركين في كتابة المسلسل.

رنا رئيس واللي قدمت أداء رائع في (موضوع عائلي) في الموسم الأول والثاني، ماقدمتش أداء بنفس القوة في (موضوع عائلي)، وفي اعتقادنا أن موهبتها محتاجه تنضج أكتر علشان تعرف تعمل دور فيه كل التقلبات النفسية والعقلية دي. لأن الدور كان متطلب ماهو أكتر من الصراخ والبكاء طول الوقت. على العكس من الدويتو التمثيلي الرائع من عمر السعيد و ركين سعيد في أدوار زياد وياسمين. والاتنين عملوا بالفعل دويتو خطير وقدموا مشاهد في غاية الصعوبة.

لازم نخصص فقرة كاملة للكلام عن رشدي الشامي.. عجينة موهبة غير عادية. وشوفناه قبل كده في مسلسل أيام وكانت شخصيته أكثر من رائعه. وهنا بيقدم أداء وهمي من جديد. لشخصية متأرجحة بين أنه بيحلل لنفسه تصرفات كتير غلط، ويستنكر ابسط تصرف غلط من أقرب الناس له. وحاجات كتير في الشخصية اللي بيقوم بيها مش عاوزين نحرقها عليكم.

لما بنقف أمام مسلسل قوي في معظم جوانبه زي أزمة منتصف العمر، بنحاول نفكر في الانتقادات اللي نازله زي المطر عليه. هل فعلا المفروض ندفن راسنا في الرمل، ومانقدمش قصص فيها ناس بتعمل أخطاء ومصايب، لمجرد أننا نظهر أمام نفسنا أننا ناس جميلة مش بتعمل العيب؟ ونتجاهل كمية كبيرة من الحوادث اللي بنقرأها كل يوم في صفحة الحوادث؟ وهل لو قررنا نعمل كده، هانقدر نقدم دراما مثيرة قائمة على أفعال غير نمطية؟ وده واحد من أهم شروط تقديم عمل جيد، أنه يكون صادم ومثير ويشد الناس للمتابعة، أم أننا مش هانعمل أعمال غير عن كائنات ملائكية عايشة في مجتمعات مثالية بتصحى كل يوم الصبح تعمل خير وتنشر حب وسلام وسكينة!

ياريت نتعلم ولو لمرة، أننا مانقتلش حامل الرسالة، ونركز في الرسالة نفسها.. وإلا هايكون عندنا أزمة أكبر.. من أزمة منتصف العمر.

زر الذهاب إلى الأعلى