تأثير الفضائح الجنسية على رجال السياسة فى The Runner
“لقد قمت ببطولة الفيلم من وجهة نظر محايدة لأعكس ما اراه يحدث فى بلدنا بمعدل متزايد وبسرعة كبيرة”
كانت هذه كلمات الفنان (نيكولاس كيدج) بطل فيلم The Runner والذى استقبلته دور العرض فى مصر مؤخراً لنبدأ فى مشاهدة ما يمكن تسميته بالـ(دراما السياسية) أو Political Drama وهو نوع من الفن قلما شاهدناه مؤخراً لصعوبة تقديمة ولاصطدامه بالعديد من تابوهات المجتمع ومصالح رجال الاعمال والسياسة او كلاهما على حد سواء.
يحكي الفيلم عن عضو الكونجرس (كولين برايس) والذى يخوض معركة شرسة لصالح اهل مدينة (نيو اورليانز) لحماية الصيادين اللذين يشكلون السواد الأعظم من سكانها، واللذين تأثروا سلباً بحادث تسرب البترول فى 2010.
على الرغم من قتاله النزيه من أجل حقوق مواطنيه، الا ان (برايس) يتعرض لفضيحة جنسية حيث تُكتشف علاقته بأمرأة اصغر سنا منه، وهى مواطنة سوداء وزوجة لأحد الصيادين اللذين يتولى (برايس) الدفاع عنهم، ومع انتشار مشهد فيديو للفضيحة عبر احد مواقع الأنترنت.. يتعرض المستقبل السياسي لـ(برايس) لهزة ضخمة.
لا يكتفى الفيلم بعرض الأثر السياسي للفضيحة، بل يستعرض الأثر النفسى والأسري الذى يطال البطل، حيث تبدأ علاقته بزوجته التى تكتشف الفضيحة فى التصدع، بينما يعمل على اعادة علاقته بوالده مجددا، حينها نكتشف ان الوالد أيضاً كان مدمنا على الكحول الذى افقده تواصله مع الجماهير من قبل.
على الرغم من انفتاح المجتمع الأمريكي، الا ان بعض الفضائح –خاصة الجنسية منها- لا تمر مرور الكرام فى هذه المجتمعات، ولعل ازمة الرئيس (بيل كلينتون) وفضيحته هى اول ما يرد فى الأذهان عند الحديث عن الفضائح الجنسية، وجاء عدم تقبل المجتمع الأمريكي للفضيحة نتيجة كذب (كلينتون) ومحاولته ان يمر الأمر مرور الكرام دونما اعتراف حقيقي منه.
قد يكون المجتمع الأمريكي منفتحاً على العلاقات خارج اطار الزواج، لكنه ليس منفتحاً اطلاقاً فيما يتعلق بالعلاقات الجنسية بعد الزواج، حيث يتضرر افرد المجتمع من فكرة الخيانة بأكثر من التضرر من فكرة العلاقة الجنسية نفسها.
وفى حالة (برايس) كان الأمر اكثر تشعباً حيث كانت السيدة التى اقام علاقة معها زوجة احد الصيادين اللذين يقوم هو بالدفاع عنهم، بالأضافة لكونها سوداء البشرة وهو ما اثار لدي مجتمع (نيو اورليانز) الأكثر انغلاقاً حالة من الغضب الممتزجة بالمشاعر العنصرية ضد عضو مجلس الشيوخ اللذى استغل الزوجة السوداء الفقيرة وزوجها.
على الصعيد الفني يعكس الفيلم ازمة شخصية لبطله نيكولاس كيدج، الفنان الحاصل على الأوسكار والذى استطاع تحقيق نجاحاً امريكياً وعالمياً منقطع النظير من خلال مجموعة من الأفلام المتميزة مثل Lord of the war و The rock وغيرها، الا ان المسيرة الفنية لـ(كيدج) تعرضت للخفوت بحدة بالغة، كنا قد لاحظناها بعد فيلم Next الذى تم تقديمه فى 2007 ومن بعدها فشل (كيدج) فى العودة لسابق عهده، وبدأ فى تقديم العديد من الأعمال منخفضة الميزانية ودون المستوي الفني لسبب غير مفهوم.
لاحظنا فى The runner تلك النظرة فى عيني (كيدج) والتى من المفترض أن تعكس حالة انهيار (برايس) نفسياً الا انها كانت تعكس فى الوقت ذاته حالة انهيار (كيدج) الداخلية، واحساسه بالعجز لعدم قدرته على استكمال مسيرته الفنية بنفس النجاح اللذى عودنا عليه فى التسعينات.
على الصعيد الفني يمكن القول ان سيناريو الفيلم تعرض للمط والتطويل لقدر قليل من الأحداث، وحاول الحوار تعويض الفارق حتي لا يشعر المشاهد بالملل لكن بلا جدوي، الا ان المشاهد الامريكي لن يشعر بنفس الملل الذى سيشعر به المشاهد فى اى مكان أخر فى العالم، نظرا لأن القضية المثارة تعيد فتح العديد من ملفات الخيانات الجنسية لمسئوليين حكوميين او حتي مشاهير الفن والسياسة، وفضيحة (كلينتون – مونيكا) ليست ببعيدة الى هذا الحد.
لعبت الديكورات وأماكن التصوير دوراً رئيسياً فى الأحداث، وحاولت تعويض ثغرات السيناريو، كما حاولت الموسيقي التصويرية الدخول على نفس الخط لادخال المشاهد فى حالة من الشعور بالخسارة بالتزامن مع خسارة (برايس) لمنصبه، ومن ثم حالة من الصحوة والافاقة مع بداية عمله من جديد لتكوين اسمه واعادة بناء سمعته المنهارة.
السؤال الأخير الذى طرحناه على أنفسنا اثناء مشاهدة الفيلم، هل يمكن ان يخرج نائب مجلس شعب مصري من فضيحة جنسية ليعود مجدداُ للعمل العام ويعيد المنافسة على منصبه الذى اجُبر اجباراً على التخلى عنه بعد تعرضه للفضيحة؟ قد تأتي الأجابة من (أسبانيا) عندما أجبرت نائبة الشعب (اولفيدو هورميجوس) على الاستقالة بعدما نشر صديقها السابق فيديو فاضح لها على شبكة الأنترنت، وطغي الخبر على باقى انجازاتها واجبرها على الأستقالة.
نيكولاس كيدج : من اشهر ممثلي هوليود، مواليد كاليفورنيا 1964 لأب ايطالى وغير أسمه من نيكولاس كوبولا الى نيكولاس كيدج لينفى قرابته بالمخرج فورد كوبولا.
بيل كلينتون: الرئيس الثاني والأربعون للولايات المتحده، انتخب لفترتين رئاسيتين متتاليتين بين عامي 1993 و2001 يعد ثالث أصغر رئيس للولايات المتحدة واضطر للاستقالة على خلفية فضيحة جنسية مع متدربة بالبيت الأبيض.