تايتانيك بالعربي: فشل التجربة لا يعني فشل المشروع!
لا يستمد فيلم (تايتانيك بالعربي) أهميته كونه الفيلم الأول الذى يلعب (شادي سرور) بطل كليبات الإنترنت المضحكة بطولته، لكن تأتي أهميته كأول فيلم عربي يعُرض بشكل حصري على شبكة الإنترنت وعبر موقع الفيديوهات (يوتيوب)، ويعتمد بشكل رئيسي على تمويل الرعاة ومصادر الربح الإلكترونية من موقع (يوتيوب).
تاهت هذه المعلومة البديهية عن عقول القائمين على الفيلم وعلى رأسهم المخرج محمد خضر. تم الإهتمام بتفصيلة بطولة شادي سرور للعمل ونسيان أو تناسي أو القوة الرئيسية للفيلم عبر طريقة عرضه المبتكرة واعتمادة الجديد على الربح الإلكتروني.
يتخذ الفيلم من فيلم تايتانيك الشهير تيمة رئيسية للسخرية وإثارة الضحك، وهى مهمة صعبة كون فيلم تايتانيك واحد من أشهر وأكثر الأفلام تعرضاً للنقد والسخرية فى التاريخ، لذلك من الصعب أن يأتي أي عمل بالجديد فى منطقة الكوميديا… أما على صعيد السيناريو والحوار فمن الممكن أن يتفوق أي فيديو قصير تم تصويره بكاميرا الموبايل على ما شاهدناه فى (تايتانيك بالعربي)… شادي نفسه يعرف هذه المعلومة فقد سبق له أن قدم العديد من الفيديوهات بنفس الطريقة.
شادي سرور الذى بدأ حياته الفنية عبر موقع يوتيوب مقدماً عدد من الفيديوهات التى يتم تصويرها بكاميرا الموبايل ويقوم فيها بعمل شخصيات من الأسرة المصرية ممثلة فى الأب والأم والأخت والأقارب… هذه الفيديوهات التى حصدت ملايين المشاهدات وقدمت شادي سرور كبديل أكثر (روشنة) من كوميديانات العصر الحالى، وأسست ما يطلق عليه (شادي) نفسه جمهورية شادي سرور وهو عدد ضخم من المشاهدين المنتظرين لجديد سرور.
لاحظنا مؤخراً زيادة القدرات التقنية التى يتمتع بها سرور فى اخراج فيديوهاته، هذه الزيادة التى تناسبت عكسياً من حجم الكوميديا فى الفقرات التى يقدمها سرور، ومع إطلاقه قناة إضافية يحكي فيها عن يومياته، بدأ المشاهدين فى الشعور بالغرور يتسرب لنفس الشاب الذى إنطلق بهم ومعهم منذ سنوات عبر (يوتيوب).
لكن رغم تسرب الغرور أو إنخفاض حجم الكوميديا فى أعماله، لم يتوقع عشاق شادي سرور فى مصر والوطن العربي أن يأتي فيلمه (تايتانيك بالعربي) بهذا الضعف وهذا التفكك وهذه (الرخامة) وهذا الإستسهال الإخراجي. نسى شادي سرور و المخرج محمد خضر أنه ليس كافياً أن تقدم أول فيلم عربي على الإنترنت، وليس كافياً أن تحكي عن تايتانيك.. الفيلم الأكثر تعرضاً للسخرية فى التاريخ… ما يهم حقاً أن تقدم مستوي الكوميديا الذى اعتاد عليه جمهور هذه النوعية من الفيديوهات.
كان من المفترض بفنانة موهوبة مثل بشري أن تقدم توازناً بين كوميديا سرور الصاخبة وبين الرغبة فى انتاج فيلم رصين يعرض للمرة الأولي على شبكة الإنترنت بشكل حصري، لكن أداء بشري على الشاشة كان مزيجاً من ثقل الظل والإفتعال والرغبة المستميته فى اثارة الكوميديا دون جدوي.
فشلت بشري فى تحويل الفيلم من فقرة كوميدية قصيرة لفيلم طويل، فشلت أيضا فى أن تقدم مستوي كوميديا متوازن مع ما يقدمه شادي سرور.. الفيلم يعتبر فشل ذريع لبشري على المستوي الفني فى محاولة إثبات أي شىء.
الميزة الوحيدة للفيلم ليست فى الإخراج أو السيناريو أو الحوار، بل فى أنه أول فيلم يعرض بشكل كامل وحصري على شبكة يوتيوب. هذه المغامرة تفتح الباب أمام العديد من الأفكار السينمائية التى يمكن أن تأخذ حيزاً على الشبكة العنكبوتية، وتفرض واقعاً جديداً قد يتحول لمساحة مثالية لأصحاب الأفلام الوثائقية والقصير، بالإضافة للأفلام الطويلة على حد سواء.
هذا التصرف الجرىء المتمثل فى طرح الفيلم حصرياً على يوتيوب لا يعتبر التجربة الأولى عالميا فقد سبق وتم طرح فيلم The Interview والذى يسخر من الرئيس الكوري وتعرض الفيلم وصناعه للعديد من التهديدات لمنع عرضه فاتجه صناعه لعرض الفيلم على يوتيوب كنوع من التحدي.
تعتبر تجربة (تايتانيك بالعربي) التجربة الأولي مصرياً وعربياً لعرض فيلم بشكل حصري على يوتيوب، لكن هذه التجربة ستتعرض لظلم شديد نتيجة الإستسهال والإستظراف ومحاولة اثارة الضحكات بأي ثمن… ننتظر التجارب التالية لهذه التجربة لنستطيع الحكم بشكل أكثر قوة واتساعاً على هذا التحرك الجديد فى عالم الميديا.
تايتانيك : من أشهر سفن نقل الركاب فى عصرها. اصطدمت بجبل تلجي وغرقت فى رحلتها الأولي فى العشرينات، وفى 1997 تم تقديم فيلم يحكي قصة السفنية وغرقها فى إطار رومانسى.
بشري: ممثلة ومطربة مصرية من مواليد 1976 اشتهرت بتقديم أحد البرامج على فضائية دريم ثم قدمت العديد من الأعمال الدرامية والسينمائية.