سقوط حكم الألات فى Terminator Genisys
يتذكر المشاهدين العرب بشكل عام والمشاهد المصري بشكل خاص، الصرعة التى احدثتها سلسلة افلام The Terminator بأجزائها المختلفة عند عرضها للمرة الأولي تباعاً فى المنطقة، فى فترة التسعينات التى كانت ملامح الأنتاج السينمائى العالمي قد وصلت –انذاك- لمستويات جديدة، على الصعيد التقني فى تنفيذ الأفلام، أو حتي على الصعيد التكنولوجي فى طريقة عرض الأفلام مع انتشار أجهزة الفيديو فيلم، والتى فتحت أمام شركات الأنتاج القدرة على اعادة بيع أفلامها فى مرحلة وسيطة بين العرض الحصري فى قاعات العرض، وبين الأتاحة المجانية للمشاهدين عبر شاشات التليفزيون.
اثار الجزء الأول من الفيلم The Terminator والذى عرض فى 1984 حالة من الزخم السينمائى والنقدي، وتهافت الجمهور على معرفة هوية الرجل العملاق بطل الفيلم، بلهجته الخشنة وبنيانه العملاق، انه Arnold Schwarzenegger الذى انطلقت شهرته بشكل مؤكد بعد النجاح الساحق للسلسلة، الأمر الذى شجعه على العودة بعد ما يزيد عن الثلاثين عاماً لأعادة اكتشاف سلسلته الأشهر، وتقديم جزء جديد منها. لكن هل ينجح الفيلم بنفس القوة التى نجحت بها السلسلة من قبل؟ وهل يستطيع (شوارزنيجر) الأفلات من تأثير الزمن ورياح التقدم فى العمر التى تأتي بما لا يشتهي ربان السفنية العجوز؟
يبدأ فيلم Terminator Genisys بمشاهد افتتاحية توضح الصراع بين الألات والبشر.. الصراع الذى انفجر فجأة تزامناً مع اطلاق احدي الشركات العملاقة لنظام جديد لأدارة اجهزة الحاسب الألي والهواتف النقالة وأجهزة تصفح الأنترنت التى اكتسحت حياتنا مؤخرا، انه نظام (جنيسيس) الذى فتح بوابة الجحيم على البشر، ومكن الألات والروبوتات من التحكم فى الناس وابادتهم عن بكرة ابيهم، لكن مجموعة من الأشخاص ينجحون فى البقاء على قيد الحياة، مكونين نواة المقاومة الأولى ضد حكم الروبوت!
يبدأ الفيلم بمشاهد لمجموعة من الروبوتات المنهمكة فى اصطياد البشر كالجرذان، مع صوت المُعلق فى الخلفية يحكي كيف بدأ الأمر كله، وكيف استطاعت الالات اعتلاء سلم التطور البشري وازاحة البشر بشكل غير اعتيادي، بينما تنتقل الشاشة لمحاولة طفل صغير الهروب من جحيم الأبادة، لكن أحد الالات يستطيع اصطياده ويكاد يقتله، لولا تدخل الأنسان الوحيد القادر على تغيير المعادلة، وقلب الدفة لحساب البشر.. انه جون كونر او Jason Clarke والذى يقود البشر فى صراع مقاومة اخير للبقاء ومقاومة الألات.
ينتقل الفيلم مباشرة بعد ذلك بالطفل عندما يصبح رجلاً، وبجون كونر عندما يصبح بطلاً ومنقذاً للجنس البشري بالكامل من خطر الفناء، ينتقل الفيلم ليوم الهجوم الأخير على أكبر صرح للألات على كوكب الأرض. المعركة الفاصلة التى ستحدد مصير البشرية ما بين فناء بلا عودة… او انتصار بلا رجعة.
اتسم سيناريو الفيلم فى الربع الأول بالسرعة الشديدة.. يتم الانتقال بين كل مشهد بسرعة، ومن مشهد لأخر تكون الفترات الزمنية قد قفزت هى الأخري قفزة كبري، وكأن المخرج Alan Taylor يريد القفز مباشرة للحبكة الأساسية للفيلم، ضارباً عرض الحائط برغبة المشاهد فى الاستزادة من بعض التفاصيل والمشاهد فى الربع الاول من الفيلم.
تبدأ المعركة النهائية وتنتهي بسرعة شديدة، حتي اننا نعلم من الحوار بين (كونر) ورفيقه ان مجموعة (كولورادو) استطاعت ضرب الخوادم الرئيسية لنظام الألات، ما ادي لتعطل كل الألات على الكوكب، وانتصار البشر انتصارا ساحقا.. لكن هل تنتهي الأحداث عند هذا الحد؟ على العكس.. لقد بدأت أحداث الفيلم للتو لكن البعض لا يدري!
لقد استطاع نظام (جينيسس) ان يغش فى قواعد اللعبة وقواعد الحرب، مُرسلاً انساناً الياً للماضى السحيق، ليقتل والدة (جون كونر) اثناء ولادتها لأبنها الذى سيهزم الألات.. يكتشف (كونر) الخدعة فى اللحظة الأخيرة، ولا يبقى هناك أى حل سوي ارسال احد البشر ليحمي والدة (كونر) من القتل، وينقذ مستقبل البشر من جديد بعد ان كادت الالات أن تسيطر عليه بالكامل عبر الغش فى مجريات لعبة الحرب التى تدور فى المستقبل.
هنا يبدأ الفيلم الحقيقي وتبدأ رحلة الجندي الشجاع (كايل ريس) او Jai Courtney فى رحلة للثمانينات لمحاولة حماية والدة المنقذ الأخير للبشر.
من هنا يبدأ السيناريو فى التحول لما يمكن اعتبارة نسخة مُقلدة ومحفوظة من سلسلة Terminator، بداية من مشاهد الانتقال عبر الزمن، والمفارقات الكوميدية الناتجة عن نزول البطل عارياً فى وسط مدينة امريكية مكتظة بالسكان، وتم تبرير هذه التيمة المستعملة كثيراً فى هذه السلسلة بأن الات الزمن لا يمكنها التعامل مع الاسلحة أو الملابس!
توقع الجميع ان يعود (ريس) للماضى لينقذ الأم الغافلة، لكننا فوجئنا جميعاً بالأم سارة كونر او Emilia Clarke وقد تحولت لمقاتلة حقيقية، بعد ان استطاعت الاستفادة من وجود الألة القاتلة (جارديان) او ارنولد شوارزنيجر بجوارها… وهنا يلتقى السيناريو القديم للفيلم بسيناريو الجزء الأحدث، ونكتشف أن الاحداث تستمر بعد الجزء الاخير من السلسلة لتتعقب كيف غير (جارديان) الماضى وحول (سارة كونر) من أم غافلة تنتظر الموت لمقاتلة تحاول الحفاظ على وجودها وعلى علاقتها بـ(ريس) لأنه سيكون والد (كونر) فى المستقبل!
واذا كان الصداع يصيب هؤلاء الذين يسافرون عبر الزمن، فقد اصابنا صداع مثله من محاولة متابعة الخط الزمني لأحداث الفيلم، ومحاولة فهم الألتواءات الزمنية المعقدة التى تموج بها الأحداث نتيجة سفر الابطال عبر الزمن، شبكة من التعقيدات على مستوي الأحداث لم ينجح السيناريو فى تفسيرها، ولم يهتم المخرج بطرح اجابات او توضيحات لأسئلة المشاهدين بخصوصها، مع توقع بمشاهدة وتذكر المشاهدين لأحداث الأجزاء السابقة، وكلها عيوب كان الفيلم سيكون اكثر قوة لو اهتم بمعالجتها والتركيز عليها.
على الرغم من الدعاية المكثفة للفيلم فيما يتعلق بالجانب التقني والخدع السينمائية، الا انه لم ينجح فى ابهارنا حتي فى مشاهد الصراع بين الالات، وان كانت مشاهد السحق والركل التى كانت تطيرنا من مقاعدنا من فرط الاثارة فى التسعينات والثمانينات، اصبحت اليوم لا تحرك في المشاهدين قيد انملة من الانبهار، انها المعادلة التى فشل الفيلم فى تحقيقها وفشل السيناريو فى اعادة توجيه المشاهدين للاهتمام بالأحداث اكثر من عناصر الأثارة المعتاده.
تمت الاستعانة بالممثل ولاعب كمال الأجسام Brett Azar فى المشاهد التى يظهر فيها ارنولد شوارزنيجر اصغر سناً، كما استدعي تصوير الفيلم ان يمارس شوارزنيجر التمارين الرياضية لثلاث ساعات يوميا لمدة ستة اشهر قبل تصوير أحداث الفيلم، ليصل لنفس الوزن ومقاس العضلات التى ظهر بها فى اخر اجزاء الفيلم –انذاك- والمُعنون Terminator 3: Rise of the Machines (2003).
احاطت السرية التامة عملية تصوير الفيلم خوفا من تسرب اى انباء للصحافة، فتم وضع اسم مزيف للفيلم هو Vista ، وترجع اغلب الاقتراحات لسبب هذا الأسم، للجملة التى اشتهر بيها (ارنولد) فى السلسلة وهى “Hasta la vista”