مقالات كايرو 360

فيلم The Substance : صرخة دموية في فيلم جرئ ومختلف.

قراءة سهلة

لو سألتنا عن أحلى حاجه بنحبها في فن السينما، هو قدرته على تفكيك وتبسيط أكتر المعاني صعوبة، وأكتر المفاهيم تعقيدا، وتقديمها في حوالي ساعتين وبطريقة بصرية ممتعة، تفتح عين المشاهد على حاجات ممكن يكون بيفكر فيها للمرة الأولى. هو ده بالظبط اللي نجح صناع فيلم The Substanceفي تحقيقه، وإن كانوا فشلوا في الاستمرار عليه للنهاية. تعالوا نحل اللغز ونفهم مع بعض الشفرة.

فيلم The Substance بيبدأ بمشاهد افتتاحية لبطلة الفيلم اليزابيث (ديمي مور) اللي بتشتغل موديل في صناعة الترفيه المعتمدة طوال الوقت على ابراز مفاتن البنات الجميلة والصغيرة في السن. اليزابيث بتسمع بالصدفة مكالمة من مديرها، بيتكلم عنها إنها تقدمت في السن، وأصبح من الضروري استبدالها بعارضة تانية أصغر وأجمل.

بالتزامن مع المعلومة دي، وبطريقة ما، بتلاقي اليزابيث فرصة انها تشارك في تجربة، من خلالها بيتم استنساخها وتقديم نسخة أصغر في السن وأجمل منها (شخصية سو اللي بتقوم بدورها مارجريت كوالي). لكن شروط التجربة دي واضحة: كلا الشخصين (النسخة الأصغر والأكبر) هما في النهاية نفس الشخص، وعلشان مايحصلش أي أثار جانبية مدمرة، لازم تلتزم كل واحدة من الشخصيتين أنها تعطي التانية فرصة للحياة لمدة أسبوع كامل، خلال الإسبوع ده واحدة من الاتنين بتكون فاقدة للوعي تماما. بعدها بيلتزم الشخص  اللي واعي، انه يعود للشخص فاقد الوعي ويتبادل الأدوار معاه.

اليزابيث كانت حاسه أنها محاصرة في الكورنر، ولازم تعمل أي حاجه علشان يكون فيه نسخة أصغر وأجمل منها، وبالفعل وافقت على الشروط وظهر لنا الشخصية الأصغر منها (سو) واللي بدأت تستغل جمالها وشبابها في أنها تحقق شهرة وفلوس منقطعة النظير، من خلال الشغل في نفس المجال الترفيهي المعتاد.

مع الوقت والنجاح والشهرة، بتكره (سو) فكرة اضطرارها للرجوع للحياة في جسد (اليزابيث) بالتالي بتخالف شروط العملية، وبتتمرد عليها، ونتيجة ده، شخصية (اليزابيث) بتتقدم في العمر وبتخسر شبابها وصحتها بشكل متسارع جدا. ومن هنا بيتأزم الصراع بين الشخصيتين اللي هما في الأساس شخص واحد!

الفكرة مبهرة! وتنفيذها على الشاشة كان مبهر برضو. نقدر نقول بضمير مستريح أن ده واحد من أفضل الأعمال اللي تم توظيف المؤثرات الخاصة فيها مؤخراً. لكن في المقابل لازم نقول أن الفيلم بأي شكل من الأشكال غير صالح للمشاهدة العائلية، وغير صالح للمشاهدة من الناس اللي بتتضايق من مشاهد الرعب الدموي والجسدي.

فيلم The Substance بيتجاوز الفكرة المباشرة لقصته، وبيلقي أضواء كاشفة وفاضحة على حاجات كتير في حياتنا المعاصرة، زي فكرة تسليع الأنثى واستخدام جسمها في زيادة نسب المشاهدة، ووضع معايير عالية وثابتة وواضحة للجمال، والتخلي عن الإنسان لمجرد تقدمه في السن أو إن جسمه مابقاش جميل زي الأول، كمان بنشوف كواليس صناعة الموضة والترفيه اللي تبدو من برة براقة لكن من جوه مليانه بالوحشية نتيجة ادارتها من رجال فاضيين من جواهم ومعاييرهم  للجمال ناقصة وشهوانية للغاية.

مش بس كده. الفيلم عنده رسالة فلسفية مهمة عن الأخطاء اللي بيرتكبها البشر في حق نفسهم وجسمهم وهم شباب، ويدفعوا تمنها غالي لما يتقدموا في السن. وفي رأينا أن الفيلم بيخاطب البشر المهتمة بالمغالاة في استخدام موارد الكوكب، وناسيين أنهم أحيانا بيغالوا في استخدام مواردهم الخاصة بشكل يؤدي لتحولهم مع التقدم في السن.. الى مسوخ.

من هنا بنقدر نتفهم المغالاة في الوحشية والدموية والعري في بعض مشاهد الفيلم، وفي رأينا أن المخرج والمؤلف كورالي فارجايت كان عاوز يكون صدامي وحاد ومتوحش لأقصى حد، خاصة أنه بيحاول يعمل لنفسه إسم قوي كمخرج وأن The Substance هو العمل الثالث له وقدر فعلا يعمل ده وحصل على جوايز في مهرجان كان وتورنتو.

يُحسب لديمي مور قبولها القيام بدور النسخة الأكبر والأقل شكلا وإثارة، وده اختيار مش كل الممثلات بتقبل بيه بسهولة، و مارجريت كوالي عملت دور تقيل ومهم ويستحق الإشادة.

عيب الفيلم من وجهة نظرنا هو السيناريو اللي ضل طريقه في الربع الأخير من الأحداث، وعدم قدرته على تقديم نهاية أكثر منطقية، على الرغم من فهمنا لرسالة الفيلم اللي ظهرت في المشهد النهائي، لكن كان ممكن يتم تقديمها بشكل أفضل من كده بكتير.

باختصار.. فيلم The Substance فيلم عاوز مشاهد من نوع خاص، قادر يقرا مابين السطور، والأهم: انه يكون قادر على تحمل كل ساعتين ونصف تقريبا من المشاهد المقززة والمؤلمة نفسيا.. ده فيلم تشوفه على مسئوليتك الخاصة.

زر الذهاب إلى الأعلى