(مارد) الكدواني.. عميد مدرسة السهل الممتنع

على الرغم من السهولة البادية على فكرة التعرض للمسيرة الفنية للفنان المصري المتميز ماجد الكدواني بالعرض والتحليل، الا ان الغوص فى ملامح شخصية (الكدواني) ومحاولة سبر اغوارها وتحليل قدرة الرجل على اختيار ادواره لا تبدو بالسهولة التى تظهر بها للمرة الأولي.. هذا الملمح يتكرر فى نوعية الأدوار التى يختارها بالأساس، فتبدو سهلة اثناء المشاهدة السريعة، لكن المدقق  يكتشف انها لم تكن ابداً بالسهولة التى تبدو عليها. وفى ذكري ميلاده التى تأتي فى العاشر من ديسمبر قررنا ان نستعرض سوياً فيلموجرافيا (ماجد  الكدواني)، ومحاولة تحليل الرسالة السينمائية لواحد من نجوم مصر.

فى الدقائق الأخيرة فى فيلم (طير انت) الذى أخرجه أحمد الجندي وقام ببطولته احمد مكي، يدور حوار قصير بين الدكتور (بهيج) وبين الجني السحري (مارد).. يسأله (بهيج) بعفوية: صحيح انت ما قولتليش انت اسمك ايه. يرد (مارد) ببساطة: (مارد الكدواني)…يمكننا الأعتقاد بأن هذا (الايفيه) وليد عقل (الكدواني) ووليد اللحظة التى قرر فيها الثنائى (مكي-الكدواني) تقديمه فى لحظة من لحظات العفوية امام الكاميرا.. و  يمكن تلخيص التاريخ الفني لماجد الكدواني فى هذه الجملة البسيطة.. فهو رائد مدرسة السهل الممتنع، وصاحب (قفشات) مميزة لا تضحك احداً اذا خرجت من اي فنان أخر!

على الرغم من مولده فى حي شبرا الشعبي، الا انه قضى طفولته بالكامل فى دولة الكويت.. هذا الأنتقال ما بين النشأة فى منطقة شعبية غنية بالتفاصيل الحميمة، الى دولة عربية تختلف فيها العادات والتقاليد ووسائل العيش، ساعد (الكدواني) على التأقلم مع اي دور جديد يُسند اليه، وساعده على تقمص شخصيات عديدة متفاوتة فى المستوي الاجتماعي والثقافى والتعليمي والمادي.. حتي انه يقول انه عندما اسند اليه دور شخصية (النبطشي) فى فيلم (الفرح) قرر الأحتكاك بمجموعة من (النبطشية) فى عالمهم الحقيقي حتي يستطيع تشرب المهنة وتقديم الشخصية بشكل صحيح ومقنع للجمهور.

من الأدوار المهمة فى بداية حياة ماجد الكدواني السينمائية، شخصيتي (سيد) و (فطين) فى فيلمي (حرامية فى كي جي تو) و (حرامية فى تايلاند) على الترتيب، وقام ببطولة العملين الفنان كريم عبد العزيز بالأشتراك مع حنان ترك، واستطاع (الكدواني) ترك علامة مميزة فى  كلا العملين. ثم جائت مشاركته فى فيلم (عسكر فى المعسكر) بديلا عن الراحل علاء ولي الدين فى دور صديق البطل (محمد هنيدي) لتترك هى الأخري بصمات بدأت فى لفت انظار المشاهدين لهذا الفنان الكوميدي. لكن (الكدواني) كان له اتجاها أخر سيفصح عنه بعد بضعة اعمال كوميدية اخري.

قدم ماجد الكدواني شخصية ظابط الشرطة الفاسد فى فيلم (عزبة ادم)، وعلى الرغم من عدم تحقيق الفيلم للنجاح الكبير المتوقع له، الا ان دور (الكدواني) بدأ بلفت الأنظار اليه باعتباره ممثلاً غير كوميدياً بالمرة، وقادر على القيام بأدوار اكثر قوة وصعوبة، وهذا ما أكده عندما ادي شخصية الظابط (عصام) فى فيلم 678 وعلى الرغم من تشابه الوظيفة فى الدورين الا انه استطاع اداء كل دور بشكل مختلف تماما عن الدور الأخر، ولشخصية الظابط التى يؤديها (الكدواني) طابعاً خاصاً فهو لا يستطيع تقديم الشخصية من الجانب الحركي لها، لكنه يستعيض عن ذلك بتقديم الشخصية باسلوب الكلام ولغة الجسد وغيرها من ادوات الممثل، فالكدواني متمكن من لغة جسده لدرجة مدهشة.

ومن شخصية الظابط لشخصية (الصول) البسيط صاحب الخلفية الريفية الذى يلقي القبض على (احمد الفيشاوي) فى فيلم (ساعة ونصف)، والذى تتحول معاملته له من النقيض للنقيض على خلفية استمرار الأحداث فى التدفق على الشريط السينمائى.. هذه الشخصية المغرقة فى الواقعية والتناقض رفعت الكدواني لمصاف النجوم القادرين على اختيار ادوارهم بعناية فائقة،وهو ما أكد عليه فى شخصية (مصطفى) فى فيلم (ديكور) مع حورية فرغلي وخالد ابو النجا، وهى شخصية مركبة وصعبة الأداء الى الحد الأقصي.. اما مشهده الشهير فى مسلسل تحت السيطرة والذى استطاع اداؤه باحترافية قلما استطاع فنان من ابناء جيله ان يؤتي بمثلها، هذا المشهد الذى اضحك وابكي الملايين فى انحاء الوطن العربي، وحاز على نسبة مشاركة واعجاب على وسائل التواصل الأجتماعي لم يحصل عليها مشهد من مسلسل من قبل.

يشارك (الكدواني) هذا العام فى مهرجان دبي السينمائى الدولي فى فيلم (قبل زحمة الصيف)، هو نفسه المهرجان الذى حصل على فيه الكدواني على جائزة افضل ممثل عن دوره في فيلم 678 عام 2010 فهل يحصد الكدواني نفس النجاح هذا العام؟ نتوقع ان يحصد اضعاف هذا الأهتمام وهذا النجاح، فالكدواني ليس فناناً عادياً.. بل (مارد) قادر على حسم اختياراته الفنية بما يتناسب مع قدراته التمثيلية المتوهجة.

احمد مكي: ممثل مصري موهوب ومطرب راب ولد فى حي الطالبية بالقاهرة واشتهر باداء شخصية (الكبير) فى المسلسل الرمضاني (الكبير قوي).

حنان ترك: فنانة مصرية معتزلة اشتهرت بالعديد من الأدوار الكوميدية والمتنوعة، من اشهر اعمالها دورها فى فيلم (سهر الليالي) ومسلسل (نونه المأذونة).

علاء ولي الدين: (1963-2003) فنان مصري شاب اشتهر بأداء العديد من الأدوار المسانده مع الفنان عادل امام قبل ان يقوم ببطولة افلامه الخاصة، اشتهر عنه الأداء الكوميدي وكان رحيله مفجعاً للشعب المصري حيث رحل عن عمر صغير (39 سنة) بسبب مضاعفات مرض السكري.