وداعاً (النبيل) نبيل الحلفاوي
من المواضيع اللي بتبقى صعب علينا تقديمها، هي المواضيع اللي بننعي فيها حد مؤثر ومشهور، والموضوع أصعب لما نتكلم عن الفنان النبيل نبيل الحلفاوي، لإنه مش بس ممثل مشهور ومؤثر، لكن كمان هو انسان نبيل، وكان بيتفاعل مع الناس على السوشيال ميديا وتحديدا موقع X (تويتر سابقاً) بشكل يومي، وده خلى تأثيره أكبر على الناس، لأنه مكانش معزول في برج عالي، بالعكس كانت روحه مرحة جداً، وقريب من الناس بشكل لا يوصف.
نبيل الحلفاوي واحد من أهم النجوم اللي أثروا في السينما والدراما المصرية، وشخصية مش ممكن تنساها. ولد في حي السيدة زينب، الحي الشعبي اللي طلع منه مواهب كتير. رغم إنه درس إدارة الأعمال في كلية التجارة في جامعة القاهرة وتخرج سنة 1966، قرر إنه يمشي ورا حلمه في التمثيل، فالتحق بمعهد الفنون المسرحية قسم التمثيل، واتخرج منه سنة 1970.
نبيل الحلفاوي دايماً بيختار أدواره بعناية شديدة، سواء في السينما أو التلفزيون. يعني مثلاً في السينما، قدم أفلام زي “اغتيال مدرسة”، واللي ناقش فيه قضية تربوية واجتماعية مهمة، وحصل عن دوره في الفيلم على جايزة أفضل ممثل من الجمعية المصرية لفن السينما و جائزة أفضل ممثل من مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي عن دوره في فيلم (الهروب الى القمة)
لكن دور الحلفاوي الأشهر كان في فيلم الطريق الى ايلات، انتاج سنة ١٩٩٤ واللي لعب فيه دور العقيد محمود قائد تدريب المجموعة اللي هاتنفذ عملية فدائية ضد أهداف العدو في فترة حرب الاستنزاف. وده كان عامل من العوامل المهمة اللي خلت الناس تطلق عليه بعدها لقب (القبطان)، خاصة بعد المشهد الشهير له في أحداث الفيلم لما بيقرر يوسع فتحة الألغام البحرية علشان ينقذ العملية من الفشل معرضا نفسه لخطورة عظيمة، والمشهد ده من أشهر مشاهد الفيلم والسينما المصرية عموماً، واتحول لـ(ميم) مشهور جدا على السوشيال ميديا.
أما في التلفزيون، فكانت له بصمة كبيرة بأدوار مميزة زي “زيزينيا”، اللي ناقش فيه حياة المصريين واليونانيين في الإسكندرية، ولعب فيه الحلفاوي دور (رفاعي) الشاب الصعيدي الجدع اللي بييجي الإسكندرية علشان يعيش فيها ويبقى له تأثير على كل أبطال الحكاية، و”الملك فاروق”، اللي تناول فيه حياة آخر ملوك مصر، و”الزيني بركات”، العمل التاريخي المهم.
أما دور نبيل الحلفاوي الأشهر في الدراما كان من خلال مشاركته في مسلسل رأفت الهجان، بدور السيد نديم هاشم، ظابط المخابرات الأسطوري اللي بيتعامل مع الجاسوس المصري رأفت الهجان في واحدة من أهم فترات حياته. والحقيقة أن فيه قصة غريبة وراء الدور ده، بيحكي عنها الحلفاوي ويقول:
الحكاية بدأت لما الأستاذ يحيى العلمي طلبني في الجزء الأول من المسلسل، وكنت قريت الرواية، لكن اعتذرت وقلت له مش هشارك غير لو الدور كان نديم هاشم، فقال لي إن نديم مش موجود في الجزء الأول، فرفضت أشارك. بعد كده، قبل تصوير الجزء الثاني، قريت إن الأستاذ كرم مطاوع هو اللي هيعمل دور نديم، فاعتبرت الموضوع خلصان. فجأة اتصل بيا الأستاذ يحيى وطلبني للمشاركة، فاعتذرت، لكنه قال لي إنه عاوزني في دور نديم، فسألته عن كرم مطاوع، قال لي إنه اعتذر، فطلبت مهلة أقابله الأول. دورت على كرم لحد ما لقيته بيصور عمل تاني، سألته عن سبب الاعتذار، فقال لي إنه اختلف مع يحيى العلمي على توقيت ظهوره وكمان مشغول بأعمال تانية، وأكد لي إن موقفه نهائي، وتمنى لي التوفيق في الدور، ومن هنا بدأت الحكاية.
نبيل الحلفاوي مش بس ممثل شاطر، ده كمان مثقف وشخص عنده وعي كبير، وده بيبان في اختياراته وفي لقاءاته كمان. تلاقيه دايماً بيضيف قيمة للعمل اللي بيشارك فيه، وبيدي كل دور حقه لدرجة إنك تحس إنه الشخصية نفسها مش مجرد تمثيل. بالإضافة لكل ده هو أهلاوي صميم واللي مش كل الناس عارفاه انه شاعر له ديوان منشور بعنوان نهاية رحلة الأحزان
ومش هانلاقي حاجه نختم بيها كلامنا عن النبيل نبيل، غير القصيدة اللي كتبها في رثاء نفسه بنفسه سنة ١٩٨٧ وقال فيها:
في نعيي ما تكتبوش أسامى القرايب
في نعيي لازم تنكتب أسامي الصحاب
وصيغة الكلام – بدون النظام وحسب الميزان مش حسب المحبة – حتبقى كده:
صديق كل من السعدني والصحن ولينين
فرغلي والدكتور أمين
سامي ومرعي وأحمد ياسين
يحيى وحمدي وعبد الله غيث
سامح وشامخ وعلوة وأديب
سيدهم وكيمو وسناء
والطاهر بهاء
أحمد وحودة وعِماد
محمد ودوحة ورِياض
أشرف وشاكر وطلعت
عزت ومدحت وبهجت
حسين وسمرة وجلجل غنيم
شريف وعادل وعز وكريم
هشام وخضر وجمال
أحمد كمال
منه حمايا ومنه صديق
محمد وفيق
وعبده كمان
قبل ما أناسبه بزمان
أسامة عكاشة ومحسن وحفـظ
هادي وصبحي ولطفي وشعب
روقة ورستم وزيـزو ودفـر
عوض وزيكا ونور الشريف
عمر وأردش وهاني مطاوع
حجازي اللى سابنا في عز الشباب
سيد خميس وسيد حجاب
حتى ابنى وأبويا
وخالى وأخويـا
ييجوا في نعيي ضمن الصحاب
ولجل المناسبة ولجل العادات
ماقـلتش في نعيي صحـابى البنـات.