مقالات كايرو 360

American Sniper : ضمير هوليود النائم

قراءة سهلة

التاريخ بيكتبه المنتصر، مهما كانت العواقب الانسانية لانتصاره، ومهما كانت الدوافع السياسية والمالية والاقتصادية والعسكرية وراء الأنتصار، لكن مين بيكتب السينما؟ هوليود بتقول ان المنتصر كمان هو اللى بيقدم الافلام اللى بتحكي انتصاره المزعوم، وتقدم له المبررات الأخلاقية والانسانية الازمة… وده احنا ممكن نوصفه بشىء واحد فقط : البجاحه!

من أخراج العالمي كلينت ايستوود، وبطولة برادلى كوبر واليز روبرتسون، بنشوف فيلم مستوحي عن احداث حقيقية، عن قصة حياة القناص الأمريكي الأشهر (كريس كيلي)، واللى خدم فى فرق القناصة التابعة للقوات الخاصة للمارينز فى احتلال العراق.

كريس مسجل كأفضل قناص أمريكي صاحب أكبر سجل للقتل من خلال القنص خلال التاريخ الأمريكي المعاصر، لُقب كريس بـ(قناص الرمادي) نسبة للمدينة العراقية الشهيرة، واللى شهدت الكثير من الفظائع الأمريكية خلال الغزو الأمريكي، تم وضع عدد من الجوائز على رأس (كريس) كمكفأة من المقاومة العراقية لمن يستطيع الأيقاع بالقناص الشهير.

الفيلم بيحكي عن الأربع عمليات الكبري اللى شارك فيها (كيلي)، بتختلط مع مشاهد من طفولته وحياته الشخصية وزواجه وابناؤه، ثم قصة مقتله على يد أحد الجنود المتضررين نفسيا من الحرب العراقية لما حاول يساعده من خلال تعليمه اساسيات ضرب النار، المشهد اللى بيتم الاشارة له فى اخر لقطة فى الفيلم بخجل شديد كون الرصاصة اللى قتلت القناص الأشهر انطلقت داخل الأراضى الأمريكية لا خارجها!

من اللحظة الأولى للفيلم اصابنا حالة من عدم الأرتياح او التعاطف مع القناص اللى بيبدأ مهامه بقتل سيدة عراقية بتحاول تلقى قنبلة يدوية على رتل أمريكي، وكان من الواضح من المشهد وبقية احداث الفيلم ان صناعه بيخاطبوا المواطن الأمريكي وحده لا شريك له! فقط مواطن أمريكي مغيب ممكن يفرح لمشهد قتل سيدة بتحاول تدافع عن مدينتها اللى دنسها الاحتلال الساعي وراء البترول، حتي لو تطعم الفيلم بمشاهد مهاجمة السفارات الأمريكية فى نيروبى ودار السلام، ومن ثم احداث 11 سبتمبر اللى تم ربطها باحتلال العراق وكلنا عارفين ان دي كذبة كبيرة لا تقنع طفل أمريكي بالمقام الأول.

الفيلم بيعرض أحداث الحرب على العراق، ومحاولة اصطياد (ابو مصعب الزرقاوي) الأسم الاكثر شهرة فى المقاومة العراقية، واللى تم قتله بعد كده فى قصف جوي تابعناه جميعا عبر شاشات الستلايت، الفيلم ايضا بيتعرض لشخصية قناص عراقى حقيقي، دوخ القوات الأمريكية من خلال عمليات قنص ممنهجة للقوات الأمريكية الغازية، وازاى قدر (كريس) يضع نهاية لـ(ارهاب) الوغد المسلم اللى بيظهر فى الفيلم كشخصية مكروهة، لكننا كلنا فاكرين اعجابنا وتشجيعنا لشاب عراقى كل تهمته هى الدفاع عن بلده ضد الاحتلال الامريكي!

الفيلم اصابنا – حرفيا – بالغثيان من مشاهد اقتحام المنازل وترويع الأمنين، تهديد الابرياء واطلاق النار على الأطفال، ثم بيحاول المخرج (ايستوود) مصالحتنا بمشهد بيتراجع فيه القناص الأشهر عن قتل طفل بيحاول يستعمل مدفع (ار.بى.جي) ضد القوات الأمريكية، المشهد بيظهر لنا ان (كريس) مكانش ها يتورع عن اطلاق النار على الطفل لولا انه انطلق بسرعة وساب المدفع وراءه!

بعض الابحاث على الانترنت قادتنا لبعض القصص عن بعض القناصة الأخرين، أدلبرت والدرون على سبيل المثال، وهو قناص امريكي كان مشهور عنه دقته المتناهية فى التصويب، وقدرته على قتل قناص فيتنامي خلال حرب فيتنام اثناء تحركه على لانش فى احد  الأنهار، وهى الوضعية الاصعب لاى قناص محترف، الغريب فى الأمر ان (والدرون) مات على يد بعض العصابات المسلحة الأمريكية، الأمر اللى بيجعلنا نتسائل عن مصير هؤلاء اللى بيصدعنا الاعلام الامريكي ببطولاتهم، ونهاياتهم اللى دائما بتكون على ارض امريكية بسلاح امريكي!

American Sniper فيلم امريكي عن قناص امريكي، موجه لجمهور امريكي، ومرشح لافضل جائزة سينمائية امريكية، ولا عزاء للعرب او المسلمين، واضح ان هوليود زي التاريخ، بتعرض افلام المنتصرين، فى ظل غياب الضمير السياسى والسينائى على حد سواء.

زر الذهاب إلى الأعلى