القرصنة فى مواجهة الإبداع… التكنولوجيا هى المشكلة والحل فى أن واحد!
فى 1952 قدم الفنان المتميز بيرت لانكستر فيلم The Crimson Pirate والذى عُرض فى سينمات مصر أنذاك بإسم “القرصان الأحمر” وتميز فيه (لانكستر) بقدراته المتميزة على إستعراضات السيرك فى دور الشاب الذى يتصدي للقراصنة.
وفى 2016 كانت عملية قرصنة من نوع مختلف تماما عن أفلام (لانكستر) تتم تزامناً مع قرارات منع عرض الأفلام الأجنبية فى موسم رمضان وعيد الفطر، لإعطاء الفرصة للأفلام العربية للظهور والتنافس على (عيدية) من أصبحت السينما خروجتهم الأولي والأخيرة فى العيد… بسبب هذه القرارات تعرضت العديد من الأفلام الأجنبية التى فاتنا موعد عرضها السينمائى فى مصر بالتزامن مع موعد عرضها فى السينمات العالمية للقرصنة.
عندما لم يستطع الجمهور مشاهدة أفلامه فى دور العرض نتيجة قرار المنع لجأ معظمهم للبحث عن النسخ المقرصنة لمشاهدتها، هذه الحلول تؤذى صناعة السينما وتنخفض بإيراداتها، وتفتح الباب لإنتشار ظواهر انتهاك حقوق الملكية الفكرية.
النظرة السريعة على قوائم الأعلي تحميلاً فى مواقع القرصنة، ستخبرنا أن أكثر الأفلام تحميلاً هى أفلام مثل Independence Day: Resurgence و Suicide Squad و The Legend Of Tarazan و Jason Bourne وهى أفلام من المفترض أن يتم عرضها فى مصر بالتزامن مع عرضها فى الخارج، لكن قرارات منع عرض الأفلام الأجنبية في عيد الفطر بالإضافة لإغلاق دور العرض فى شهر رمضان حالت دون اللحاق بتوقيتات العرض العالمية.
ضربات القراصنة لم تكتفي بتحويل الصناعة العالمية للسينما لجحيم حقيقي من الخسائر، بل أنها طالت الإنتاج الفني المحلي فى مصر، كما ضربت القرصنة هذا العام المسلسلات كما ضربت الأفلام، فشاهدنا حلقات من عديد من مسلسلات رمضان وقد تم تسريبها عبر الإنترنت قبل بداية عرضها الفعلي على القنوات الفضائية.
وعلى الرغم من حملات التوعية المستمرة، وإثارة القضية مرات عديدة فى وسائل الإعلام، إلا أنه لا يتم النظر لقضايا الإعتداء على حقوق الملكية بصورة جدية فى مصر، على الرغم من الخسائر الإقتصادية الكبيرة التى تؤدي لها مثل هذه الجرائم، وبالإضافة للعبء الإقتصادي الذى تسببه هذه الجرائم، تتسبب جرائم إنتهاك حقوق الملكية الفكرية فى العديد من المشكلات الثقافية والإجتماعية على المدي الطويل، منها ظاهرة عدم وجود منتجات ثقافية حقيقية سواء فى مجال السينما أو الطرب أو التأليف، نظراً لخوف المنتجين من الدخول فى مغامرات انتاجية محفوفة المخاطر بعد وجود خطر القرصنة.
وفى مصر يتجاوز الأمر حدود تسريب الأفلام على أقراص مدمجة أو عبر ملفات (تورنت) إلي إذاعة الأفلام المقرصنة كاملة على قنوات فضائية كاملة تبث من (بير السلم) وتخصص وقتها بالكامل تقريباً لعرض أفلام محمية بقوانين حقوق الملكية.. ولا عزاء للمنتجين!
وعلى الرغم من كون التكنولوجيا الحديثة تعتبر واحداً من أهم أسباب إنتشار جرائم إنتهاك حقوق الملكية الفكرية، حيث انتشرت ظواهر تسجيل الأفلام فى دور العرض بكاميرات HD صغيرة الحجم، وغيرها من العقبات التى ذللتها التكنولوجيا، إلا أن الأمل كبير على نفس الظاهرة للتصدي لجرائم حقوق الملكية، حيث فتحت تقنيات العرض الحديثة مثل 3D و Imax أمالاً عريضة على ضرب ظاهرة القرصنة فى مقتل حيث يتجه المشاهد بمحض إرادته لقاعة السينما لمشاهدة الفيلم بتقنية أفضل من تلك التى سيشاهدها إذا اعتمد على النسخة المقرصنة من الفيلم.
قرارات منع عرض الأفلام الأجنبية فى مواسم الأعياد لا تؤدي فى النهاية إلا لمزيد من القرصنة، ويجب على القائمين على مثل هذه القرارات أن يعوا أن الجيل غير الجيل، وأن المجتمع غير المجتمع، وأن فكرة الحجب والمنع لن تصب إلا فى مصلحة المقرصنين، وأن الإقبال على مواقع كـ(خليج القراصنة) وغيرها من تقنيات البحث عن ملفات التورنت ورابط تحميل الأفلام تزيد فى المواسم التى تُمنع فيها الأفلام الأجنبية من العرض فى دور السينما.
نحن الأن نعيش سباقاً لا يتوقف بين مقرصنين يلعبون على الوتر الحساس للمشاهد الراغب فى مشاهدة الفيلم بأعلي جودة مجاناً، وبين دار العرض التى تحاول اللحاق بمواعيد العرض العالمية للأفلام حتي تقدم لمشاهديها السبق فى مشاهدة الأفلام فى توقيت عرضها المثالي، لكن قرارات منع عرض الأفلام الأجنبية تُجهض هذه المحاولات وتفتح الباب عريضاً لعالم القرصنة والأقراص المدمجة المنسوخة وملفات “تورنت” التى تقتل صناعة السينما يوماً بعد يوم.
بيرت لانكستر: بيرتون ستيفن لانكستر ممثل أمريكي ولد في نيويورك عام 1913. عشق الرياضة منذ الصغر وكان أحد لاعبي فريق كرة السلة أثناء دراسته بجامعة نيويورك، ثم التحق بالسيرك في سن السابعة عشرة كلاعب أكروبات توفي عام 1999 بعد مسيرة سينمائية حافلة.
IMAX: تقنية عرض سينمائى جديدة تعتمد على عرض الصورة بحجم أكبر وبدقة أعلي، وقدمت هذه التقنية للمرة الأولي مؤسسة أيماكس الكندية.