ليام نيسون..أو كيف يكون الأكشن بعد الستين!
الممثلين العظام كالجمهوريات العظيمة، وكما أصبحت الولايات المتحدة والأتحاد السوفيتي الوريث الشرعي لأنجلترا وفرنسا بعد الحرب العالمية الثانية، استطاع (ليام نيسون) Liam Neeson سحب بساط أدوار الاكشن من تحت أقدام هؤلاء اللذين حفروا أسمائهم فى أذهان محبى هذه النوعية من الأفلام.
على الرغم من قيامه بأدوار صغيرة وثانوية فى العديد من الأفلام، الا ان الفنان الهوليودي المولود فى ايرلندا عام 1952م استطاع ان يثبت قدرته على القيام بأدوار معقدة وخاصة، من خلال دوره فى فيلم (قائمة شندلر) Schindler’s List والمأخوذ عن قصة حقيقية، عن قصة التعذيب الوحشي لليهود ابان الحرب العالمية الثانية، او ما يعرف عالميا باسم (الهولوكوست).
يحكي الفيلم عن رجل الأعمال والصناعة (أوسكار شندلر)، والذى ينحاز عاطفيا وعمليا لليهود، ويستعمل نشاطه الصناعي كغطاء للتحايل على القانون الالماني لتجنيب المئات من اليهود مصيرهم الأسود ابان فترة الحرب، ما يؤدي به فى النهاية لخسارة رأس ماله، لكن العمل الانسانى الذى قدمه لم تنسه الدول المتعاطفة مع مأساة اليهود فى تلك الفترة.
استطاع (نيسون) أن يلعب دورة ببراعة يحسد عليها، شخصيتة فى الفيلم تراوحت بين الجدية والصرامة والانتهازية، واستغلال اليهود فى النصف الاول من الاحداث، حيث وجد (شندلر) فيهم ضالته كرجل اعمال يبحث عن أيدي عاملة بسعر زهيد – او بالمجان – الى رجل محب للخير ويعمل على انقاذ ما يمكن انقاذه من الارواح.
ترشح (نيسون) عن دوره فى الفيلم لجائزة أوسكار أفضل ممثل، ونال استحسان النقاد والجمهور على حد سواء، واستطاع أن يدخل عالم النجومية الهوليودية من أوسع أبوابه، فلا يمكن تجاهل من لعب دوراً يمجد اليهود فى صناعة سينمائية قائمة على أموال وافكار اليهود.
يمكن مشاهدة أحد مقاطع الفيلم هنا
https://www.youtube.com/watch?v=BRZh_NO5tic
وصفحة الفيلم على موقع IMDB من هنا
لكن على الرغم من قوة الدور وتاثيرة، الا ان شهرة (ليام نيسون) فى المنطقة العربية انطلقت بشكلها الحقيقي بعد سلسلة أفلام Taken والتي قدم من خلالها شخصية ظابط الاستخبارات والقوات الخاصة السابق (براين ميلز) والذى يخوض حربا بلا هوادة لاستعادة ابنته المختطفة فى فرنسا.
على الرغم من غزارة الانتاج الهوليودي فيما يتعلق بأفلام الحركة، الا ان الجزء الأول من سلسلة افلام (الاختطاف) او Taken نجح فى جذب انتباه الجميع اليه، بسبب طبيعة الشخصية التي قدمها الفيلم، وقدرة (ليام نيسون) على القيام بالشخصية من منظور جديد، يختلف بشكل كامل عن الطريقة التي كانت ستظهر بها الشخصية اذا قام بها اى ممثل اخر.
يحكي الجزء الأول من الثلاثية عن عملية اختطاف فى (باريس)، لابنة (براين ميلز)، الرجل الذى يملك العديد من الخبرات النادرة، والتى يستعملها لايجاد الفتاة الضائعة، الامر الذى يبدو مستحيلا فى البداية، فـ(ميلز) لا يعرف سوي بعض الكلمات الالبانية الغير مفهومة، وكلمة (حظ سعيد) Good luck، التى قالها له احد المختطفين، لكن بالنسبة لرجل كـ(ميلز) كانت هذه المعلومة كافية جدا ليصل للعصابة ويستطيع استعادة ابنته.
ما يجعل أداء (ليم نيسون) للشخصية مختلفا عن اى فنان اخر، هي قدرته على تجسيد مشاعر من فقد ابنته، الموقف الذى قد يجد أى منا نفسه فيه، بالاضافة للحبكات الذكية التى ضمنها المخرج والمؤلف للفيلم، والتى أظهرته كرجل ذكي واسع الحيلة.
“أنا لا أعلم من انت.. اذا كنت تبحث عن المال فلا أملكه. لكني املك مجموعة من المهارات التي تجعلني كابوسا لأمثالك. اذا تركت ابنتي فاستركك. وان لم تتركها سأبحث عنك. وسأجدك. وسأقتلك”
ليام نيسون فى دور براين ميلز فى فيلم Taken
يمكن مشاهدة هذا المشهد الذى يوضع مهارات (نيسون) القتالية فى الفيلم:
https://www.youtube.com/watch?v=8rYc5i434Jw
ويمكن مطالعة صفحة الفيلم على موقع IMDB من هنا
بعد النجاح المتميز الذى حققه الفيلم على صعيد الولايات المتحدة والعالم كله، تم انتاج الجزء الثاني من السلسلة، والذى يتناول رحلة العائلة المنكوبة الى اسطنبول، تركيا لينعموا ببعض الراحة، لكن اقرباء العصابة الدولية التى خطفت الفتاة فى الجزء الأول، يتتبعون العائلة وينجحون فى اختطاف (براين) وزوجته هذه المرة، ويبقى امام ابنته (كيم) خيارا نهائيا لمساعدة والدها.
استغل الفيلم النجاح الذى حققه الجزء الأول، وقدم بعض التصرفات المتميزة والذكية التى حققت نجاح الجزء الاول، مثل قدرة (ميلز) ارشاد ابنته لمعرفة مكانه، المشهد المتميز الذى يمكن مشاهدته من هنا
https://www.youtube.com/watch?v=HUg1BPIGEzo
وعلى الرغم من صعوبة تحقيق الاجزاء الثانية للافلام من تحقيق نفس النجاح الذى تحققه الأجزاء الاولي، حقق الفيلم نجاحاً ملحوظا، شجع القائمين عليه على تقديم جزء ثالث واخير من السلسلة.
يتناول الجزء الاخير من السلسلة قصة جريمة قتل غامضة تودي بحياة زوجة (ميلز)، ويتم اتهامه بجريمة القتل، لكنه ينجح فى الهرب، ويسعي لاثبات براءته بشتي الوسائل، الامر الذى يجعله يصطدم بالحكومة الأمريكية والمخابرات، لكن الفريق القديم الذى كان يعمل به يقف بجواره ويؤازره فى حربه ضد كل شىء… وكل شخص.
الا ان الجزء الثالث والاخير من السلسلة لم يحقق النجاح المرجو، حيث تم اظهار شخصة (نيسون) كرجل أكشن، لا كرجل ذكي واسع الحيلة، وهو الأمر الرئيسي الذى اعتمدت عليه السلسلة فى اجزائها السابقة، وتسرب لنا كمشاهدين الشعور بأن الشخصية التى يجسدها (نيسون) هى شخصيته الحقيقية، وهذا ما نعرفه بشكل عام عن مواليد برج الجوزاء، الذى ينتمي لهم (ليام)
يحاول رجل الجوزاء طوال الوقت رؤية الأمور من أكثر من منظور ومراجعة كل الخيارات المتاحة، ويضع مقارنات مستمرة في عقله بين المميزات والعيوب ليصل إلى ما يجعله راضيا ويحقق له التوازن النفسي.
ولا يمكننا اغفال الادوار الأخري لـ(نيسون)، مثل بطولة فيلم (الفريق أ) او The A Team، والذى يمكن تصنيفه كفيلم حركة من الطراز الأول، ينتصر لفكرة تقديم مشاهد مجنونة من الحركة، مدعومة بقدرات متميزة للخدع السينمائية وفنون الجرافيك، ويمكن مشاهدة احد لقطات الفيلم من هنا
https://www.youtube.com/watch?v=104tQfcK1sI
حيث يظهر فريق (أ) للمهام المستحيلة وهو يقوم بمحاولة الطيران بدبابة تسقط من على متن طائرة عملاقة، بينما يطاردهم مجموعة من الطائرات بدون طيار! وعلى الرغم من استحالة الأمر الا اننا عثرنا بالصدفة البحتة على فيديو أخر يحاول شرح الأمر بوجهة نظر فيزيائية رصينة! وهو ما يؤكدون امكانية حدوثه فعليا!
يمكن مشاهدة الفيديو (بالانجليزية) من هنا :
https://www.youtube.com/watch?v=oZIzreiseMk
ويقوم الفريق بالعديد من المهام المختلفة والغير تقليدية، حتي يتم الايقاع بهم من قبل احد الرتب العالية فى الجيش الامريكي، فيضطروا للهرب حتي اثبات دليل برائتهم.
قد يظن البعض أن افلام (نيسون) قد تشوه صورة المسلمين والعرب، لكن فيلماً مثل NonStop (بلا توقف)، استطاع ان يثبت العكس، من خلال شخصية ظابط المباحث الفيدرالية المسئول عن تأمين رحلات السفر الدولية، والذى يكتشف مخططا للايقاع بالطائرة التى يستقلها.
تتجه الشكوك فى البداية نحو المسافر المسلم العربي الوحيد بالطائرة، لكنه يستطيع اثبات برائته وتحويل دفة الاتهام لمواطن امريكي مختل على متن الرحلة.
يقوم الارهابى بقتل شخص على الطائرة كل فترة زمنية معينة، ويجد (نيسون) نفسه محاصرا بين رغبته القاء القبض عليه، وبين عدم رغبته فى التسبب بالرعب لباقى الركاب على متن الطائرة.
يمكن مشاهدة اعلان الفيلم هنا
https://www.youtube.com/watch?v=N0ekW1I6wzo
وصفحة الفيلم على موقع IMDB
الفنان المتميز (ليام نيسون) قدم درسا لنجوم هوليود قبل ان يقدمه لنا، والدرس مفاده: انه لا يهم عمرك الحقيقي، المهم رغبتك فى تحقيق ما تريد، وقدرتك على تحمل عقبات قرارك، فـ(نيسون) على الرغم من تخطيه الستين عاماً، الا انه استطاع منافسة نجوم هوليود الكبار فى أفلام الحركة.. وباقى الأفلام أيضا.