مقالات التقرير

جولة جديدة مع الجاسوسية الكوميدية مع The Man From U.N.C.L.E

قراءة سهلة

يمكن أن نشهد لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية بكونها الفترة التي بدأ فيها الصراع الأستخباراتي والأمني بين الدول المنتصرة من جحيم الحرب، هذا الصراع الأستخباراتي انتج فيما انتج حالة من الزخم السينمائى، بحيث انتقل الصراع  من اروقة اجهزة المخابرات ودول الصراع البارد على مناطق النفوذ، الى ساحة الروايات العالمية التى تحولت مع الوقت لمسلسلات وافلام سينمائية. انه الصراع البشري حينما يستبدل المسدس بكاميرا السينما، والرصاصة بصوت الـ(كلاكيت) المميز لتصوير المشاهد.

 

فى الستينات وتحديدا فى 1964 استقبلت الولايات المتحدة مسلسل استخباراتي بعنوان The Man from U.N.C.L.E.

استمر عرض المسلسل الفترة من 1964 حتي 1968 وكان يحكي عن قصة تحالف بين عملاء استخباراتيين روس و امريكيين فى سبيل انجاز اعمال استخباراتية مشتركة، يتم الانتصار فيها للمصلحة العامة دون النظر للاختلافات الجذرية بين الدولتين المنتصرتين فى الحرب على ألمانيا النازية.

لماذا تتذكر هوليود هذا المسلسل الأن؟ لأنها اكتشفت أن حالة الهوس بكل ما هو قديم ومحاولة اعادة تقديمة فى حلة جديدة، كلها امور قابلة لتحقيق الربح واعادة احياء سلاسل قديمة او حتي تقديم سلاسل افلام جديدة مستمدة من مسلسلات قديمة، مثلما حدث مع سلسلة أفلام (المهمة المستحيلة) والتى تحولت من مسلسل استمر عرضه لفترة طويلة فى الستينات وتحديدا فى 1966 حتي قررت هوليود تحويله لسلسلة افلام حققت نجاحاً ساحقاً حتي اليوم

كما ان الفترة الماضية شهدت حالة من حالات اعادة احياء الأفلام والمسلسلات القديمة، وان كانت اعادة الاحياء تتم بطابع كوميدي خفيف يميز هذه المحاولات، ونذكر فى هذا الصدد Kingsman: The Secret Service والذى وان لم يكن مقتبساً من عمل قديم، فانه يحمل صفات الاقتباس عن سلاسل افلام الجاسوسية ذائعة الصيت فى الستينات، وان كان يعيد تقديم تيمات هذه الافلام بطابع كوميدي.

مع اعادة اصدار The Man From U.N.C.L.E يبدأ الفيلم بمشاهد افتتاحية مع تترات تم ظبط ظهورها على الشاشة بتناسق متميز مع موسيقي افتتاحية حماسية، وتوضح لنا الشاشة كيف انتهت الحرب العالمية الثانية بهزيمة المانيا وتقسيمها الى جزء شرقى خاضع لسيطرة الأتحاد السوفيتي، وجزء غربى تابع لسيطرة الأتحاد السوفيتي، وتم بناء سور حاجز بين القسمين عُرف انذاك بـ(سور برلين) وهو واحد من اسوأ مظاهر العنصرية وفرض القوة من الدول العظمي على مدار التاريخ.

مع نهاية التترات تبدأ الأحداث بعميل المخابرات الأمريكية  نابليون سولو (Henry Cavill) وهو يتسلل لأراضى المانيا الشرقية فى محاولة انقاذ الفتاة (جابى) او Alicia Vikander ومن ثم يتم اكتشاف امرهما وتعرضهما لمطاردة شرسة من عميل روسى هو ايليا او Armie Hammer والذى يفشل فى اللحظات الاخيرة فى القبض على العميل الأمريكي، ويراقب بحسرة ابتعاده عن الجزء الشرقي متجهاً للقسم الغربي.

تستمر الأحداث وتتفاقم عندما يتم تجنيد العميلين الشابين تحت لواء منظمة واحدة هى U.N.C.L.E وهى اختصار لـ(الشبكة الدولية لتطبيق القانون). والذين يكتشفون ضرورة اتحادهم وتعاونهم مع الشابة (جابي) لمواجهة خطر امتلاك منظمة جاسوسية غير معروفة لقنبلة نووية عالية الخطورة.

عند هذه المرحلة تتوقف الأحداث عن التفاصيل الجدية لتبدأ المشاهد الكوميدية المتمثلة فى كيفية تعامل ظابط الكي جي بى (المخابرات الروسية) المتسم بالغضب السريع والقوة البدنية الخارقة، مع نظيره عميل المخابرات الأمريكية (سى اى ايه) والذى يتصف بالهدوء والقدرة على استعمال التكنولوجيا والأسلحة الحديثة عن نظيره الروسى.

فى المنتصف من الاثنين تقع الفتاة (جابى) والتى يكون عليها ضرورة التنسيق بين الشابين المفعمين بالرغبة فى اثبات كل منهما خطأ الأخر، ومحاولتها توجيه دفة الاحداث لمصلحة المهمة ومصلحتها الشخصية بالمقام الاول والاخير.

تميز المخرج والمؤلف  Guy Ritchie فى  العديد من مشاهد الفيلم، كما تميز فى الخيط العام للفيلم كفيلم ساخر من افلام الاستخبارات التى ذاع صيتها فى الستينات، ويكفى قدرته على نقل المشاهد بصرياً وقصصياً لحقبة الستينات والحرب الباردة التى شغلت العالم من اقصاه الى اقصاه.. نتحدث هنا عن اخراج لا يفوته مشهد ولا يخرج له كادر عن عالم الستينات، وهى مهارة متميزة اذا قارنا بينها وبين مخرج عربي لمسلسل تليفزيوني كان من المفترض ان تدور احداثه فى الستينيات فظهر احد الاشخاص فى خلفية احد المشاهد يتحدث فى  هاتفه المحمول!

لا يمكن ان ننسى ايضاً هذا المشهد عندما يندمج العميل الروسى فى الهروب من مطاردة دامية فى المياة، بينما يستمتع العميل الأمريكي بالموسيقي الكلاسيكية فى سيارته استعداداً للهرب.. ان امريكا لا تنسى ان تخرج لسانها فى اعمالها السينمائية لأعدائها الروس التقليديين.

فى المشهد الذى يظهر العميل (نابوليون) وهو يجذب اطراف المائدة دون ان يسقط ما عليها من اشياء، المشهد ليس خدعة بصرية بل خدعة حقيقية تدرب عليها الفنان هنري كافيل ليقوم باداءها بنفسه، ولان الشىء بالشىء يذكر فيجب ان نعرف ان (كافيل) لم يكن المرشح الاول للدور لكن توم كروز كان المرشح للدور لكن مشاركته فى الجزء الخامس والاحدث من Mission Impossibleحالت دون ذلك، ايضا جورج كلوني كان مرشحاً للدور لكن بعض المتاعب الصحية حالت دون مشاركته فى الفيلم.

 جدير بالذكر ايضا كل المشاهد الخطرة اداها ابطالها بانفسهم دون الاستعانة بالدوبلير الا فى اضيق الحدود. كما تم الاستعانة بالكاتب (ايان فليمنج) للاشراف على كتابة المسلسل الاصلي المأخوذة عنه احداث الفيلم فى الستينات، (فليمنج) هو الكاتب الاصلي والاب الروحي لشخصية جيمس بوند التى الهمت صناع السينما فى هوليود لتقديم شخصية ظابط الاستخبارات البريطاني الذى لا يقهر.

هنري كافيل والمرشح لدور البطولة فى الفيلم المنتظر Batman v Superman: Dawn of Justice وهو بالاصل ممثل بريطاني من مواليد 1983 يبدو تاريخه الفني خاليا من الاعمال الهامة علي العكس من ارمي هامر الذى يقاسمه البطولة، وهو صاحب المشاركة البارزة فى The Social Network وهو من مواليد كاليفورنيا الامريكية فى 1986 اما البطولة النسائية  من نصيب اليسا فيكاندر المولودة فى 1988 وصاحبة المشاركة المتميزة فى Ex Machina  .

زر الذهاب إلى الأعلى