كيف تثبت أنك…أنت فى Unknown!
كانت زوجة الممثل الأيرلندي الأصل Liam Neeson قد توفت اثناء تصوير فيلم Unknown الذى يحكي –لسخرية القدر- عن رجل تتنصل منه زوجته بعد حادث يفقده الذاكرة.. لكن هل هذه فقط هى قصة الفيلم؟ وهل تنتهي الأحداث برجل مغدور يعاني صدمة ما بعد الحادث؟ الفيلم الذى تمتد مدة عرضه الي ما يقارب الساعتين يعدنا بالمزيد من الأثارة… والمزيد من محاولة تشجيعنا على اعمال العقل فى التفكير حول الفطرة التي خُلقنا عليها.
يبدأ الفيلم بمشاهد افتتاحية للدكتور الأمريكي مارتن هاريس، يسافر الى المانيا مع زوجته الجميلة January Jones تلبية لدعوة مؤتمر التقنية الحيوية، والذى سيلقى فيه (هاريس) افتتاحية المؤتمر.. تبدو المشاهد الافتتاحية للفيلم بسيطة وغير متكلفة، حياة مثالية لدكتور ناجح فى مجاله المعقد، وزوجة جميلة يتمناها اي رجل ناجح، لكننا نعلم جميعا ان افلام (ليام نيسون) لا تظل على وضعها التقليدي، ولن تلبث الأمور أن تتحول لغابة من التعقيد والتشابك.
ينسى (هاريس) حقيبته فى المطار، ثم يتجه بصحبة سائق سيارة أجرة ثرثار من اصول سوداء الى الفندق بصحبة زوجته، يكتشف هناك ضياع حقيبته فيسرع مستقلاً سيارة أجرة اخري تقودها Diane Kruger للحاق بالحقيبة قبل ضياعها، الا انه يتعرض لحادث اليم عندما تخرج السيارة عن مسارها الطبيعي وتسقط فى النهر.
يكاد يفقد (هاريس) حياته جراء انخفاض نسبة الاوكسيجين الواصل الى دماغه، قبل ان تنقذه السائقة فى اللحظة الاخيرة، ويتم نقله فى سيارة اسعاف الى المستشفي، حيث يقع فى غيبوبة لما يقارب الأيام الأربعة، ثم يستفيق من غيبوبته ولم يعلم بعد ان الاقدار قد لعبت لعبتها، وقررت ان تقلب حياته رأساً على عقب بشكل لا يتصوره هو او حتي مشاهدي الفيلم!
يتجه (هاريس) الى الفندق ليخبر زوجته بمكان اقامته منذ 4 ايام، وفقدانه الذاكرة بشكل جزئى فى هذه الفترة، فقط ليفاجأ بأن زوجته بصحبة رجل اخر يدعي انه هو! بل انه يملك جواز سفر وهوية صالحة وحقيقية، بينما ضاعت كل الاوراق الثبوتية الخاصة بـ(هاريس) فى اعماق النهر حيث سقطت به سيارة الأجرة!
تبدأ الشرطة الألمانية فى التحقيق فى الواقعة بشكل دقيق، يطلبون من (هاريس) اثبات صحة روايته بأي شكل، يحاول الاتصال بصديقه الدكتور لكنه لا يرد على اتصاله، تتجه كل الشكوك ضده لصالح (هاريس) المزيف فيتعلل بالمرض والحادث ليتجنب التعرض للسجن بتهمة انتحال الشخصية، ويبدأ فى رحلة جديدة فى مدينة تطأها قدماه للمرة الأولي، هدفها الأول والأخير: اثبات انه…. هو!
يبدأ هاريس فى تتبع سائق الأجرة الذى اقله من المطار للفندق، ومن ثم يبدأ فى محاولة الوصل لسائقة سيارة الأجرة التى أنقذته من الموت، يواجهه فى البداية صاحب مكتب سيارات الأجرة الغاضب من الحادث الذى تعرضت له سيارته، خاصة مع رفض التأمين دفع تكلفة الحادث لأن السائقة لم تكن تملك رخصة قيادة.
-المهاجرين الغير شرعيين يدمرون المجتمع الألماني!
هكذا يصرخ الرجل فيضطر (هاريس) للرحيل، ثم يلجأ لصديقه الجديد والوحيد الأن، سائق التاكسى، والذى يقابله بالفتاة التى انقذته من الموت، لكنها –شأن زوجته- تدعي نسيانها له، وتكذب مدعية انها لم تقود سيارة اجرة من قبل! هذه الفتاة التى تعمل فى مطعم له اصول عربية، وتخاطب مديرها العربي المتغطرس –كما اظهره الفيلم- بعربية امريكية متقطعه!
يلجأ بعد ذلك (هاريس) لمقابلة البروفيسور (بريسلر) ليثبت شخصيته، لكنه يفاجأ بوجود (هاريس) المزيف هناك، وهنا تتجلى عبقرية الاخراج والتمثيل فى مشهد يدعي فيه الرجلان ان كل منهما هو (هاريس) الحقيقي.. التناغم فى نطق الكلمات ومحاولة كل منهما اثبات شخصيته ! هذا المشهد سيصيب من يشاهده بالدوار!
مع انتقال الدوار الى (ليام نيسون) وسقوطه فى حالة اغماء، يتعرض لمحاولة اغتيال من قاتل محترف فى المستشفى التى يتم نقله اليها، القاتل الذى لا يعرف الرحمة يبدأ فى اغتيال كل من يقع بين يديه، ثم يحقن مادة ما فى المحلول الساري فى جسد (هاريس).
بعد ان ينجو باعجوبة يتجه للوحيد الذى يمكنه حل هذا اللغز.. انه Bruno Ganz ظابط الجستابو السابق فى المانيا النازية، والقادر على وضع خيوط اللغز بعضها بجوار بعضها ليصل للحل النهائى لهذه المعضلة التى تبدو بلا حل.
بعد ان يحكي (هاريس) كل شىء لـ (يورغن) يقرر ان يعود لقائدة سيارة الاجرة للمزيد من التفاصيل، تؤمن له –مقابل ساعة يده- اقامة لمدة ليله فى منزلها وتبدي رغبتها فى التعاون معه، لكنه يتعرض لمحاولة اغتيال جديدة من نفس الرجل الذى حاول قتله فى المستشفي، ينجح فى الهرب هذه المرة بعد مطاردة قوية بالسيارات
بعدها يبدأ هاريس فى اكتشاف اول الخيوط لحل اللغز.. انها شفرة مبسطة من الارقام.. يشير الرقم الاول لصفحة ما فى كتابه، ويشير الرقم الثاني لسطر فى هذه الصفحة.. الكلمة الاولى فى هذا السطر تكون مع باقى الكلمات لكنه لا يفهم طبيعة هذه الكلمات تحديدا…
الجزء الثاني من اللغز عند ظابط الجستابو الذى يجد علاقة بين (هاريس) وبين الامير (شادا).. الامير شادا من اصول عربية ويسعي لتطوير منظومة حصول البشر على الغذاء، لكن المتطرفين فى بلاده لا يحبونه ويسعون لاغتياله.
تبدأ الخيوط فى التناغم للكشف عن السر الرئيسي للفيلم، وينجح (هاريس) فى الوصول لزوجته، بينما ينتحر المخبر الألماني بعد محاولة فاشلة لاستجوابه من قبل جهة خاصة بالاغتيالات تعمل فى احترافية وصمت.
فى تلك الاثناء ينجح هاريس فى استرداد حقيبته المفقودة بالمطار، فيها يقبع جواز سفره وصور تجمعه بزوجته.. عندها فقط يطمئن انه لم يجن بعد.. يعرض بعض النقود على جينا.. قائدة سيارة الاجرة التى ساعدته
-انه اكثر مما احتاج.
-انه اقل مما تستحقين!
بعد هذه المحادثة بدقائق يتعرض هاريس لمحاولة اختطاف، وتبدأ مطاردة جديدة بين (جينا) والمختطفين، عندها فقط يعلم (هاريس) الحقيقة كلها…
ان الدكتور هاريس فى الحقيقة ليس شخصيا حقيقيا، بل هى شخصية مفبركة اخترعها رجل تابع لجهاز اغتيالات يعمل لحساب من يدفع اكثر، وكان من المفترض بالشخصية المزيفة لهاريس ان يندس فى المؤتمر كدكتور مشارك فى الفعاليات باوراق مزيفة وبقصة زواج مزيفة، لصالح تنفيذ عملية اغتيال، وعندما حدثت الحادثة واختل نظام الاوكسجين فى عقل الرجل العميل المجهول، كون مخه ذكريات كاذبه عن كونه (هاريس) حقا، وفيما يبدو ان الخير وفطرته قد انتصرتا فى عقل المجرم المجهول فعاش بشخصية الدكتور هاريس فعلا!
– من انا حقا؟!
هكذا يهتف هاريس والمسدس بالقرب من رقبته فيرد الرجل الغامض:
– انت قاتل متمرس وفتاي المفضل.. لكنك ستموت الان بلا اسم !
عندها فقط تتدخل (جينا) لتنقلب دفة الامور وينجو (هاريس) من موت محقق، بينما يموت هؤلاء الذين كانوا يريدون قتله منذ دقائق.. يكتشف بعدها (هاريس) حقيقة ما تم اخباره به.. انه يملك العديد من جوازات السفر باسماء ومهن وجنسيات مختلفة، وكذلك زوجته المزيفة.. ويبدأ الفصل الأخير لمحاولة ايقاف الاغتيال الذى سيشده المؤتمر العلمي.
الرداء الخارجي الذى يرتديه فيلم Unknown كفيلم حركة عن قاتل محترف يفقد الذاكرة، يحمل بداخله العديد من الرسائل الانسانية عن الفطرة التى يخلق عليها الانسان ويسعي لتغييرها طوال حياته، ورسالة سياسية عن طريقة تعامل المشتددين مع اى محاولة لجعل العالم مكانا افضل.