مقالات كايرو 360

Don’t Look Up : الواقع أكتر سخرية من الفيلم!

قراءة سهلة

من فترة، قرأنا عن نظرية في علم النفس، بتقول أن الانسان لو فكر في كل الاحتمالات اللي ممكن تكون سبب في قتله، في المشوار اللي بيستغرقه من البيت للشغل، ده هايكون كافي جداً أنه يقعد في البيت. ولو فكر في احتمالات موته في البيت، ده سبب كافي لتحويل حياته لجحيم! علشان كده العقل الباطن بيبرمجنا على تجاهل كل الاحتمالات دي، وأننا نستمر في حياتنا الطبيعية يوم بعد يوم بدون التفكير في أي حاجه خارجه عن إرادتنا. ولو ظهرت قدامنا، نتجاهلها تماما.

هو ده اللي واجهه دكتور راندال ميندي و كيت ديبيسكي المتخصصين في علم الفلك (قام بدورهم ليوناردو ديكابريو و جينفر لورانس) لما اكتشفوا مُذنب عملاق في طريقه للأصطدام الحتمي بالأرض، الأمر اللي هاينهي الحياة تماما على الكوكب. في فيلم Don’t Look Up المعروض مؤخرًا حصريًا على Netflix.

مع اكتشافهم المرعب، بيبدأ العلماء في التواصل مع رئيسة أمريكا (جاني أورليان) – قام بدورها ميرل ستريب- لكن – رغم استغرابهم- مش بتعمل أي حاجه، وبيتجاهل البيت الأبيض كله تحذيرهم رغم خطورته. لأنها مشغولة بتعزيز موقفها في الانتخابات.. علشان يلاقوا نفسهم في النهاية مضطرين يتكلموا من خلال التليفزيون لكل مواطنين أمريكا، علشان يحذروهم.

الغريب، أن تحذيرهم على الرغم من حدته وخطورته، بيتقابل من الناس بعدم اهتمام على الإطلاق، من ناحية تانية، الناس مشغوله بالترندات على السوشيال ميديا، وأخبار انفصال وزواج الفنانين والأنفلونسرز، وألف حاجه تانيه أكتر تفاهة بكتير من خبر نهاية العالم!

الكوميديا السوداء دي كان ممكن نحس أنها مجرد فكرة مختلفة وجديدة، طالعه من خيال المخرج المميز آدم مكاي اللي قدم لنا قبل كده أفلام قوية زي Vice أو The Big Short. لكن السؤال هنا: هل فعلا إحنا بنتكلم على خيال وفانتازيا؟! ولا Don’t Look Up بيحكي عن حاضرنا المعاصر، وبيسخر من طريقة تعاطينا مع أزمات ضخمة بتهدد وجودنا في العالم زي جائحة كورونا أو التغيرات المناخية، لحساب حاجات تانيه أقل أهمية بكتير؟

آدم مكاي مش بس بيسخر من عامة الشعب، هو كمان بيسخر من المسئولين الحكوميين وكبار رجال الدولة في أمريكا. بداية بالرئيس الأمريكي نفسه – أو الرئيسة في الحالة دي – اللي بنشوف كل اهتماماتها منصبة بأنها تفضل في منصبها بأي تمن. من خلال التواطؤ مع كبار رجال الأعمال ورواد التقنية اللي تم تمثيلهم بشخصية (بيتر) اللي قام بدوره مارك ريلانس اللي شوفنا في شخصيته شبه كبير بينه وبين تيم كوك رئيس شركة أبل.

بالقصة دي. وبالـ Cast ده.. كان مستحيل أن Don’t Look Up يكون فيلم ضعيف، خاصة مع ترقب ملايين الناس لمشاهدته. لكن للأسف النتيجة النهائية كانت مخيبة جدا للأمال. وحسينا أننا بناكل ساندويتش من ٣ طبقات. الطبقة الأولى جميلة ومشوقة، والأخيرة معموله حلو قوي. لكن الطبقة اللي في المنتصف مملة جدا ومحتاجه تحسين ضخم.

كل المواقف الكوميدية اللي أتقدمت بداية من الربع الثاني للفيلم، كانت ضعيفة ومش مستغلة كويس. وكان ممكن يتم تقديمها بشكل أحسن من كده. ومع احترامنا لكل فريق الممثلين العظاء اللي بيضمهم الفيلم، لو كنا غيرناهم بفريق تمثيل تاني ماكانش حد هايلاحظ أي حاجه! الأداء التمثيلي تقليدي جدا ومافيهوش أي جديد. وكل ما نتخيل أن ده فيلم بيضم ليوناردو ديكابريو و جونا هيل اللي عملوا مع بعض فيلم The Wolf of Wall Street وعملوا سوا مشهد عظيم خلانا نقع على الأرض من فرط الكوميديا. كل ما نحس أد ايه Don’t Look Up كان قدامه فرصة يعمل عظمة.. بس ضيعها لسبب لا يعلمه إلا الله.

في رأينا أن Don’t Look Up فشل أنه (يعلي) على الواقع.. وأن الموجة الطبيعية من الكوميديا السوداء من اللي بتحصل حوالين العالم حاليا، كانت أعلى بكتير من الموجة الصناعية اللي حاول صناع الفيلم يقدموها لنا.

إذن.. لو ماعندكش أي توقعات مسبقة عن Don’t Look Up، ولو مش (مخضوض) من الأسماء الضخمة اللي بيضمها العمل. تقدر تتفرج عليه كفيلم كوميدي عن واقعنا الحالي الغير كوميدي بالمرة. وهي دي قوة الكوميديا السوداء. أما لو كنت منتظر تتفرج على واحد من أهم أعمال السينما في الفترة الأخيرة. للأسف ظنك في Don’t Look Up هايخيب.. وبشده.

زر الذهاب إلى الأعلى