مقالات كايرو 360

الغرفة 207 : أخيرا رُعب عربي يحترم عقولنا

قراءة سهلة

مش جديد علينا في مصر والمنطقة العربية، أننا نشوف أعمال فنية بتتناول تيمات مرعبة. لكن في السنوات الأخيرة احتلت الأعمال اللي من النوعية دي الصدارة في اهتمام صناع الأفلام والمسلسلات. يمكن بسبب النجاح المدوي لفيلم الفيل الأزرق (٢٠١٤) ثم الاتجاه لتحويل أعمال الدكتور أحمد خالد توفيق – رحمة الله عليه- لمسلسلات، زي ما شوفنا مع مسلسل ما وراء الطبيعة اللي قدمته نتفليكس وأخرجه عمرو سلامه سنة ٢٠٢٠.

مسلسل الغرفة ٢٠٧ هو كمان مُقتبس عن مجموعة قصص للدكتور أحمد خالد توفيق، لكن المرة دي قدمها المخرج تامر عشري مع الكاتب تامر إبراهيم ككاتب للسيناريو والحوار، واللي يعتبر من التلاميذ المُخلصين للدكتور أحمد خالد توفيق، بالتالي كان أكثر قدرة على تجسيد عوالم الرعب اللي ابتكرها الدكتور على مدار سنين.

في (الغرفة ٢٠٧) بنشوف قصة موظف استقبال، بيستلم عمله في فندق مُطل على البحر في مرسى مطروح -قام بالدور محمد فراج- علشان يواجه في كل حلقة قصة مرعبة، محورها هي الغرفة ٢٠٧ في الفندق، واللي بيحصل فيها أحداث مرعبة غير قابلة للتفسير المنطقي.

أول حاجه لفتت انتباهنا، هو التشابه في الاسم بين المسلسل وبين فيلم (١٤٠٨) المقتبس عن قصة ستيفن كينج، واللي بيحكي هو كمان عن الغرفة ١٤٠٨ اللي بيدخلها كاتب رعب، ويفشل في الخروج منها. تشابه لم ينكره الدكتور أحمد خالد توفيق في مقدمة قصته، لكنه قال أنه كتب قصته قبل ما يقرأ رواية ستيفن كينج، وقال أن مافيش كاتب رعب يحترم نفسه، إلا ووجد نفسه مدفوعاً للكتابة عن غرفة فندق غامضة، لأن الفنادق بالأساس أماكن مُرعبة، لو أعطينا نفسنا الوقت لتخيل كام شخص استعمل نفس الغرفة قبلنا، كام شخص نام – أو يمكن مات- على نفس السرير اللي بننام عليه!

بعد مشاهدتنا لمسلسل ما وراء الطبيعة، اللي كان لنا بعض التحفظات عليه، كنا متوقعين مستوى معين من (الغرفة ٢٠٧)، لكن حتى الأن، نجح المسلسل في تحطيم كل توقعاتنا السلبية، وقدم حبكة قوية وأحداث مرعبة، مع اخراج يحترم عقلية المشاهد، كل ده مع أداء تمثيلي متميز من كل المشاركين في المسلسل تقريبا.

محمد فراج اللي كنا متخوفين من فكرة أنه يقوم ببطولة لوحده تقريبا، أثبت أنه قدها وبجداره. وواضح أنه اشتغل لوقت طويل على أبعاد الشخصية اللي بيجسدها، وماضيه المؤلم ومستقبله الغامض. بحيث قدر يخلينا نكتشف مع كل مشهد له، أبعاد جديدة لشخصيته ما كناش نعرفها في المشهد اللي قبله، وهنا يظهر أهمية توجيه المخرج تامر عشري، وهو بالمناسبة شارك في اخراج مسلسل قابيل، ومسلسل لعبة النسيان. وأخرج فيلم فوتوكوبي.

لما نتكلم عن شخصية صاحب الفندق اللي بيتكلم عربي مكسر، وعنده عرج في أقدامه، بنتخيل أكتر من ممثل ممكن يقوم بالدور، وأداؤهم هايكون نمطي ومحفوظ لشخصية مافيهاش شغل كتير، لكن ما كناش نتوقع أن (مراد مكرم) اللي بيخلي ريقنا يجري على الأكل في برنامجه الشهير (الأكيل) يقدر يعمل الدور بالـ(حرفنة) دي. بس ده مش غريب على مراد، اللي بنعتبره ممثل من الطراز التقيل، ومش هاننسى دوره الممتاز في (فوق مستوى الشبهات)، وأعمال تانيه كتير خرج فيها بنجاح منقطع النظير من شخصية ابن البلد مُحب الأكل. وطبعا مش هانتكلم كتير عن ريهام عبد الغفور، اللي أدائها يغني عن مدحنا فيها، واللي واضح أنها اعادت اكتشاف نفسها مؤخرا، وأن اللي جاي منها أعمال اقوى بكتير من اللي بتقدمه حاليا رغم أنه بالفعل متميز.

يوسف عثمان (الطفل في فيلم بحب السيما) هو كمان بيقدم دور كويس، وبنتوقع يكون له تواجد أقوى في الحلقات المقبلة، كمان كامل الباشا في دور (عم مينا) يعتبر إضافة ممتازة لعالم مُرعب بيحترم عقليتنا، وتم نسج خيوطه بذكاء شديد وتركيز في التفاصيل. حتى أننا بنشوف لوحة في الغرفة ٢٠٧ بتتغير تفاصيلها مع كل مشهد، ودي تفصيلة مش كل الناس هاتلاحظها، لكن نعتقد أنه هايتم استغلالها بذكاء واحترافية عالية.

لحد دلوقت (الغرفة ٢٠٧) ماشي على الطريق السليم، خاصة في التقليل من استخدام المؤثرات الخاصة للحد الأقصى، علشان احنا عارفين ان عندنا خلل كبير في النقطة دي حتى الأن. ويمكن دي نقطة تفوق المسلسل على (ما وراء الطبيعة) اللي تمت المبالغة في تنفيذ مشاهد المؤثرات الخاصة، واللي كانت ضعيفة رغم البذخ الإنتاجي الواضح من نتفليكس. لكن حتى الأن كل اللي ظاهر لنا أن مسلسل الرعب من شاهد (الغرفة ٢٠٧) أقوى من انتاج نتفليكس.

زي ما بتنادي الغرفة على أصحابها، وتقفل أبوابها عليهم، هانرجع تاني للغرفة ٢٠٧ مع انتهاء الأحداث علشان نشوف هل فعلا هايقدر يمشي على نفس النهج أم لا. لكن لحد ما نخبط تاني على باب الغرفة، ندعوكم انتم كمان لزيارتها. زيارة على مسئوليتكم الخاصة، لأنها ممكن تكون تذكرة ذهاب بلا عوده!

زر الذهاب إلى الأعلى