مقالات كايرو 360

Blonde : رحلة مارلين مونرو للبحث عن نورما جين!

قراءة سهلة

احتل فيلم Blonde مكانة متميزة في قائمة الأفلام اللي منتظرين إصدارها بفارغ الصبر. بسبب رغبتنا في معرفة معلومات أكتر عن مارلين مونرو، اللي تعتبر واحدة من أشهر الفنانات في هوليود والعالم. ونعرف نظريات أكثر عن موتها/انتحارها وعلاقتها المزعومة بالرئيس الأمريكي جون كينيدي.

من الواضح أن نفس الترقب اللي كان عندنا، كان عند مجموعة أكبر من المشاهدين، اللي قضوا حوالي ٣ ساعات من وقتهم في مشاهدة الفيلم بمجرد طرحه الحصري على منصة نتفليكس. علشان كده احنا فاهمين حالة الغضب اللي أصيب بيها قطاع كبير من المشاهدين، لأنهم حسوا أن Blonde ما أجابش على أي سؤال من أسئلتهم!

اللي ساعد على حدوث سوء فهم عند المشاهدين، هو أن الفيلم بدأ بمشاهد افتتاحية للطفلة (نورما جين) اللي هاتتحول بعد كده للممثلة مارلين مونرو. وبدأنا نشوف قصة حياتها المأساوية، وأصبح المشاهد مستعد نفسيا لمشاهدة فيلم سيرة ذاتية تقليدي بسيناريو بيحترم التسلسل الزمني وبيمشي على أساسه. وبنشوف فيه الطفلة نورما جين اللي قضت حياتها مع أب غائب، وأم مريضة نفسيا، لحد ما بتقتحم عالم الفن وتدخله من أوسع أبوابه اعتمادا على جمالها الصارخ وأنوثتها الطاغية.

ثم بتحصل المفاجأة لما بنلاقي المخرج والمؤلف أندرو دومينيك بيتبع سياسة الحكي الغير مرتبط بزمن، بمعنى أننا بنشوف قفزات زمنية في القصة، بدون تفسيرات منطقية، وتنوع في الصورة ما بين مشاهد بالألوان ومشاهد بالأبيض والأسود. علشان كده قطاع كبير من المشاهدين شعر بارتباك وبإن الفيلم خارج توقعاته، وبدأنا نشوف تعليقات من المشاهدين على السوشيال ميديا بيقولوا انهم توقفوا عن المشاهدة بعد ٢٠ دقيقة من الأحداث لأنهم (مش فاهمين حاجه).

لكن الحقيقة هي أن Blonde مش متقيد بالقصة الحقيقية الكاملة لمارلين مونرو، لكنه بيقدم سرده الخاص لأحداث صعود وهبوط ممثلة شابة، استنادا على بعض الأحداث من حياة مارلين. بالتالي اللي بنشوفه على الشاشة مش هو  القصة الحقيقية كاملة، إنما بعض أحداث مستمدة من قصة مارلين.

نقطة الخلاف الثانية، هي الطريقة اللي ظهرت بيها مارلين مونرو – قامت بالدور آنا دي أرماس – كإنسانة مُحطمة مهزومة، بدون لحظة سعادة واحدة. احنا فاهمين طبعا الحياة الصعبة اللي عاشتها مونرو، لكن هل من الطبيعي أنها تظهر على الشاشة بتكرارات مختلفة على معنى واحد: إنها كانت انسانة تعيسة مكتئبة؟!

ماتفهموناش غلط أننا مش عاجبنا Blonde، بل على العكس عجبتنا فكرة التركيز على بحث (نورما جين) عن أبوها طوال الوقت، وحتى لما كانت بترتبط كانت بتدور على شخصية الأب في الارتباط. والتركيز على حلمها بالإنجاب، وازاي حياة الأضواء والشهرة في هوليود هي في النهاية حياة زائفة الهدف منها استغلال الأنثى الجميلة لأطول وقت ممكن، ولأعمق درجة من درجات الاستغلال النفسي/الجنسي/المادي علشان يتم لفظها في النهاية وتواجه لوحدها كل الأعراض الجانبية لكل الاستغلال ده.

عاجبنا تسليط الضوء على الطريقة الغبية في تعامل كل الرجال مع مارلين على أنها البنت الجميلة محدودة الذكاء اللي ممكن يستغلوها ويرموها. بينما هي في الحقيقة صاحبة شخصية أعمق مما تبدو عليه، وأكثر حساسية وذكاء مما تبدو عليه.

عاجبنا جدا الأداء التمثيلي البارع من الكوبية آنا دي أرماس، وقدرة المكياج على تقريب الشبه بينها وبين مارلين مونرو. عاجبنا جدا اختيار كادرات التصوير، والانتقال ببراعة مونتاجية رائعة بين ديكورات مُختلفة، كل دي حاجات تحسب لصناع الفيلم.. لكن….

لكن كان نفسنا نشوف جوانب تانيه لحياة مارلين مونرو، جوانب بيتعمد أي سيناريو أنه يضيفها علشان يقلل جرعة التوتر والقلق والضيقة اللي حسينا بيها، حتى لو كان بشكل زائف. علشان نفصل شويه من إحساس الكأبة المسيطر على الفيلم. كان نفسنا نشوف سيناريو مسرود بشكل أسهل.

كان نفسنا نشوف توظيف لمشاهد اغراء آنا دي أرماس في دور مارلين مونرو بدون التعري الكامل اللي سيطر على بعض مشاهد الفيلم (الفيلم غير صالح للمشاهدة الأسرية)، وكان نفسنا نشوف اهتمام أكبر بعلاقة مونرو بالرئيس الأمريكي، بدلا من تحويله لمجرد حلقة واهية في سلسلة طويلة من الاستغلالات اللي تعرضت لها نورما جين.

Blonde فيلم هايترك جواكم شعور من اتنين، كلاهما على طرفي النقيض، إما أنك تكرهه تماما وماتقدرش تكمل مشاهدته، أو إنه يعجبك جداً وتلاقيه فيلم جرئ عن مارلين مونرو، الفنانة العالمية اللي قضت حياتها كلها تبحث عن شخصيتها العادية، المسماه نورما جين.

زر الذهاب إلى الأعلى