Colonia : الإنتصار للفن
فكرة الصراع بين أهل الفن والفكر والأدب وبين أهل الحكم والديكتاتورية، تقريباً فكرة قديمة جدا بترجع لوقت تكون الحكومات بالأساس! ويمكن فترة الحرب العالمية التانية ونشأة ألمانيا النازية بقيادة هتلر، وجملة وزير الدعاية (جوبلز) الشهيرة: عندما أسمع كلمة مثقف أتحسس مسدسي، كل دي حاجات بتعرفنا إن الأنظمة الديكتاتورية بطبعا بتكره الأدب والفن والثقافة بشكل عام، وبتحاربهم بأي شكل.
من تأليف وإخراج فلوريان جالينبيرجير وبطولة ايما واتسون و دانيال بروهل و مايكل نيكفيست بنشوف قصة مقتبسة عن أحداث حقيقية، لفترة الإنقلاب العسكري اللى قاده الجنرال اوجستو بينوشيه على الحكومة المنتخبة فى تشيلي بزعامة سلفادور الليندي، واللى شجعت عليه أمريكا راعية الديموقراطية فى العالم، واللى بنعرف بالتدريج إنها بتؤيد الديموقراطية اللى بتدعم قدرتها على التحكم فى الشعوب فقط!
كفاية كلام فى السياسة ونتكلم أكتر عن الفيلم.. بالإضافة للقصة القوية والأصلية، واللى كان واضح إنها مكتوبة بشغف وحب مش مجرد قصة للسينما والسلام، الأجمل إن تنفيذ القصة دي على الشاشة كان عبارة عن ملحمة من الجمال والدقة والإهتمام بالتفاصيل، ويمكن دي من مميزات كون المؤلف هو المخرج.
سيناريو الفيلم كان قادر على الانتقال بخفة ومرونة بين الأحداث، وساعده المونتاج المتقن على أداء دورة بشكل كامل، وجت الديكورات علشان ترسم لوحة جميلة ومعبرة عن الفترة الزمنية اللى بتدور فيها أحداث الفيلم، وبشكل عام نقدر نقول إن كل عوامل الفيلم كانت بتتعاون علشان ترسم لنا لوحة فنية سينمائية لا يمكن نسيانها بسهولة، وحتي لو نسينا الموسيقي التصويرية المتميزة والمتناسقة مع الأحداث كانت هاتفكرنا بكل تأكيد.
ممكن يكون كلامنا عن الفيلم قليل، لكن الحالة السينمائية اللى بيحطنا فيها، والمشاهد اللى بتاخد منحني تصاعدي مدهش وقادر على حبس أنفاسنا، كلها امور بيكون من الصعب علينا شرحها بكلمات، وبيكون من الأفضل إننا ننصحكم بمشاهدة الفيلم فى اقرب وقت ممكن علشان تجربوا معايشة الأحداث نفسها على الشاشة.
المشكلة الوحيدة مع الفيلم هى ان المشاهدين لو مكانوش على وعي تاريخي كافى بالفترة الزمنية اللى بتدور فيها الأحداث ممكن تختلط عليهم بعض الأمور، لكن فى النهاية هاتظل الأحداث مفهومة والحبكة قادرة على الوصول لكل المشاهدين، بتفكرهم دايماً إن الديكتاتورية والفن دايما مش على وفاق، وإن الديموقراطية مش دايما بتكون الفائزة على المستوي القريب، لكن الغلبة على المدي الطويل بتكون دايما للفن والثقافة والجمال على حساب الديكتاتورية والقبح.