Golda: شكرًا على حسن تعاونكم معنا!
أولا.. كل سنة وحضراتكم بخير وصحة، بمناسبة شهر أكتوبر. اللي بنعتبر كل يوم من أيامه بمثابة عيد لكل مصري، علشان شكر أكتوبر بنفتكر فيه حرب ١٩٧٣ اللي رجعنا فيها أرضنا وكرامتنا، وادينا درس كبير للعالم. مش بس درس في القدرة على القتال واستعمال أحدث التكنولوجيا العسكرية في وقتها، لكن كمان درس في الإرادة المصرية، والإصرار المصري على استعادة كل ما سُلب منا.
وبما اننا بنتكلم عن شهر أكتوبر، فا أكيد هانتكلم عن محاولة قلب كفة الحقائق اللي بيعملها المهزومين في المعركة، من خلال انهم يحاولوا يقولوا لنا ان اللي حصل مكانش انتصار مصري، بعد كده لما تشوفوا الكلام ده ابقوا خلوهم يتفرجوا على فيلم Golda علشان يسكتوا شويه!
صعب نقول أن فيلم Golda بيحكي عن قصة حياة جولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية بالكامل، لكنه بيحكي عن واحدة من أصعب فترات حياتها، وهي فترة حرب أكتوبر ٧٣. من خلال التركيز على التحقيق اللي أجري معاها بواسطة لجنة (اجرانات) اللي تم تشكيلها لمعرفة أسباب الهزيمة (هزيمتهم هم طبعا).
سيناريو الفيلم بيتجاهل تماما احتلال (الكيان) لسيناء المصرية، والجرائم اللي تم ارتكابها ضد الأسرى المصريين بعد الهزيمة، وبيقفز لمنطقة مريحة بالنسبة له من حيث السرد، وهي الأيام أو الساعات القليلة اللي سبقت حرب ٧٣، وازاي كان فيه تخبط كبير بين الساسة الإسرائيليين في تحديد معاد الحرب بدقة، بسبب خطة الخداع الاستراتيجي اللي مصر عملتها، وبسبب المعلومات المغلوطة اللي دستها المخابرات المصرية ضد الإسرائيليين للتغطية على الحرب.
بنشوف بعد كده الحرب نفسها، وبنشوف التحول الدرامي الخطير لموشي ديان وزير الدفاع، وهو بيتحول من الغطرسة الكذابة والثقة العمياء في القدرة على الانتصار، الى الهلع التام واحساسه انه فقد السيطرة على الجيش لما حصل الهجوم المصري السوري المشترك.
من المفهوم تماما واحنا بنتفرج على فيلم متبني وجهة نظر إسرائيلية صرفة، اننا نشوف تهويل من حجم الثغرة، ومحاولة تصويرها كانتصار، ومحاولة لوي دراع المنطق والجغرافيا والتاريخ، علشان يصوروا لنا انهم خرجوا من الحرب دي منتصرين، أو على الأقل بأقل خسائر ممكنة. لكن نسي فيلم Golda انه بيناقض نفسه بنفسه، واننا شوفنا خلال الاحداث صرخات الجنود الإسرائيليين وهم تحت النيران المصرية، واجبارهم على الاستسلام والانسحاب وترك مواقعهم، وانهاء اسطورة الجيش الذي لا يقهر.
وعلشان احنا ناس محترمين وبنحب نفصل بين انتمائنا الوطني وبين رأينا الفني، لازم نقول أن الأداء التمثيلي لهيلن ميرن في دور جولدا مائير كان اكتر من رائع، على العكس من رامي هيوبيرجير اللي كان أداؤه لشخصية موشي ديان ثقيل الظل جدا، وغير احترافي و Over في كتير من المشاهد.
واضح أن الفيلم كان عنده مشكلة في الميزانية، أو في تصميم المعارك، لأن كل المشاهد اللي شوفناها عن الحرب كانت إما مشاهد قصيرة جدا مأخوذة من أعمال تانيه، أو مشاهد مافيهاش مجاميع أو أي تصوير خارجي، زي مشاهد معارك الدبابات اللي تم الاستعاضة عنها بتصميم جرافيك ضعيف قوي، وكنا محتاجين بما أننا بنتكلم عن فيلم حربي، أننا نشوف مشاهد معارك متعوب عليها ومصروف فيها، ده كان هايبقى أحسن بكتير من محاولات الفذلكة الاخراجية من المخرج جاي ناتيف في عمل قطعات ونقلات بين المشاهد، كان واضح إنها مُتصنعة جدا وغير موظفة بشكل جيد، زي مشهد دُخان سيجارة جولدا مثلا.
على كل حال، فيلم جولدا يعتبر رد مثالي على ولاد العم اللي بيقولوا اننا ما انتصرناش في الحرب، لإنه جسد مدى ثِقل المعركة على الساسة الإسرائيليين، وفشلهم الاستخباراتي والعسكري، وللأسف بعد ٥٠ سنة من الانتصار بنشوف فشل سينمائي في محاولة قلب الحقيقة وتزييف القصة.
وفي النهاية. تحية من القلب لكل مواطن مصري شارك في ملحمة الانتصار. وكل سنة ومصر دايما سعيدة ومنتصرة.