No Time to Die: ختام مناسب لسلسلة ناجحة لجيمس بوند
مافيش شك أن سلسلة أفلام جيمس بوند، واحدة من أطول، وأنجح، وأشهر سلاسل السينما في التاريخ. السلسة اللي عملت شهرة لكل اللي قاموا ببطولتها، بداية من شين كونري اللي بدأ السلسلة سنة ١٩٦٢ مع فيلم DR. NO وحتى لحظة كتابة السطور دي.
فيلم No Time To Die هو واحد من أكتر الأفلام اللي تم ترقبها في العالم. لأنه تم الإعلان قبل صناعة الفيلم، أنه هايكون أخر جزء يظهر فيه دانيل كريج في دور بوند، كمان التأجيل الطويل للفيلم اللي خلى عشاق السلسلة منتظرين على أحر من الجمر، بالإضافة لإعلان الفيلم اللي ظهرت فيه عناصر الجذب (البوندي) الشهيرة: بنات جميلة.. عربيات بمواصفات خاصة.. أدوات عادية -زي الساعة- لها مميزات قاتلة واستخدامات غريبة. وطبعا المشاهدين المصريين كان عندهم سبب خاص جدا يخلي انتظارهم مُضاعف، هو ظهور الأمريكي من أصلي مصري (رامي مالك) في دور شرير الفيلم. ودايما الشرير في أفلام بوند بيكون له مواصفات خاصة، ومساحة عريضة جدا للتمثيل وإبراز المواهب.
كل الترقب ده أفاد الفيلم وأضره في نفس الوقت. الفايده معروفة، الفيلم حقق حوالي ٥ مليون إسترليني في أول ليلة عرض في بريطانيا فقط – حسب تصريحات BBC – ومع اتاحة الفيلم على منصات المشاهدة، عمال يتصدر بشكل مجنون الـ Trend السينمائي في العالم كله.
لكن الضرر، بيتمثل في سقف التوقعات عندنا، اللي أصبح صعب الإرضاء جدا، خاصة أن الفيلم – زي أي فيلم – كان له بعض نقاط الضعف. للأسف أولها كان (رامي مالك). ودي نقطه هانتكلم عنها بالتفصيل.
No Time To Die بيبدأ البداية المعهودة لأفلام جيمس بوند. جيمس تقاعد من الخدمة في المخابرات البريطانية، وبيحاول يعيش حياه طبيعية. لكن الماضي الطويل بينه وبين منظمة (سبيكتر) التجسسية، بيرفض أنه يسيبه في حاله، خاصة بعد ما بيتعرض لمحاولة اغتيال، بتجبره على نزول ملعب الجاسوسية تاني، علشان يكتشف أن فيه محاولة لصنع سلاح جيني قادر على إنهاء الحياة على الكوكب، وأنه لازم يحط كل خبراته وطاقته لمنع السلاح ده من الوقوع في اليد الخاطئة.
عجبنا قوي في سيناريو الفيلم، هو الاهتمام بمتابعة التطورات في شخصية جيمس بوند مع الوقت. في الأعمال السابقة اللي تناولت شخصية بوند، كانت كل مغامرة هي فيلم مستقل بذاته. وكان بوند بيظهر في كل فيلم بسلسلة من المواصفات النفسية والجسدية اللي مش بتتغير.
لكن صناع سلسلة بوند الأخيرة اللي قام ببطولتها دانيل كريج، كانوا حريصين على أنهم يورونا التغير في طباع بوند مع التقدم في السن. بنشوف بوند وهو أقل شهوانية وأكثر عقلانية، وحتى أنه أكثر (إنسانية) عن بوند السابق اللي كان بيقتل بدون أدنى شعور بتأنيب الضمير. ولأول مرة بنشوف الجانب العاطفي والأبوي لبوند. كل دي نقاط تتحسب لسيناريو عارف يوازن كويس قوي بين الشخصية اللي كلنا متعودين عليها وعاوزين نشوفها، وبين التطور الزمني في الأحداث، وتاثيره على الشخصية دي.
سيناريو الفيلم اتبع أسلوب (الثلاث أجزاء) الشهير، يعني ممكن نقسم الفيلم لثلاث فصول منفصلة في أحداثها، لكن متصلة في السياق العام. من هنا ممكن نفهم ازاي مدة الفيلم قربت من ٣ ساعات، لم نشعر فيها لحظة واحدة بالزهق! ولو استمر الفيلم ساعة كمان كنا هانحس أن ده شيء طبيعي ومحبب لنا!
بما أننا بنتكلم عن السيناريو.. حسينا بتوازن شديد مابين الرغبة في تقديم مغامرة جديدة، وبين الربط بينها وبين السلسلة بالكامل. ونقدر نقول أن الربط ده تم بأفضل ما يكون في السلسلة دي، مقارنة بأي سلسلة تانيه ظهر فيها جيمس بوند.
على صعيد الإخراج بقى.. في No Time To Die بنشوف أحسن توظيف لحالة النوستالجيا اللي عندنا مع عالم بوند بالكامل. والأمتع أن كل ده بيحصل (من تحت لتحت) بحيث المشاهد اللي فاهم ومتابع بس هو اللي هاياخد باله من التفاصيل الصغيرة الممتعة اللي بتربطنا بالسلسلة. زي المشهد اللي بنشوف فيه صور كل اللي تولوا منصب المدير M على مدار الأحداث. وزي ما بيظهر بوند في كادر خاص علشان يضرب الرصاصة الشهيرة له اللي بتظهر في مقدمة كل فيلم من أفلامه. وطبعا استخدام رائع للسيارة ماركة Aston Martinالشهيرة وباقي الأدوات الحديثة اللي بيطورها السيد Q اللي كان له دور واسع في الفيلم ده. وقام بدوره (بن وشو)
كل الضرب على حبال النوستالجيا ده ما منعش No Time To Die من أنه يمتعنا بشغل (جديد)، منها مثلا أسلوب بوند القتالي اللي كان فيه التحام يدوي أكتر من مجرد تبادل اطلاق النار، واللي الاشتباك فيه فكرنا بمشاهد الأسلوب القتالي اللي اتبعه سلسلة John wick بطولة كيانو ريفز. وده أسلوب قتال جديد شويه على عالم بوند.
السؤال هنا.. لما كل حاجه كويسه كده.. فين المشكلة في No Time To Die ؟
أول مشاكل الفيلم من وجهة نظرنا، هي شرير الفيلم. وأشرار بوند كان دايما لهم مكانة خاصة، يعني ماشوفناش شرير في أفلام بوند عاوز يبقى غني، أو عاوز يتولى زعامة دولة. الكل عاوز يفني البشرية ويقلب موازين العالم لحسابه.
رامي مالك بشكل أو بأخر قدم أداء ضعيف. أو بمعنى أصح قدم الأداء المتوقع لرامي مالك، بحيث ممكن نشيل دوره في No Time To Die ونحط مكانه أي شخصيه تانيه قدمها قبل كده وهاتمشي برضو! على الرغم من أن الفيلم بذل مجهود في التلاعب بشكله والماكياج بتاعه، وعلى الرغم من أنه أخد مشهد افتتاحي كبير، أثار الرعب في قلوبنا ودي حاجه مش متعودين عليها في أفلام بوند، وفكرنا بسلسلة أفلام IT المرعبة.
لكن علشان مانكونش بنحمل رامي أخطاء الفيلم كلها، في رأينا أن مساحة دور مالك كانت أكبر من كده، وأن المونتاج اضطر يختصر منها كتير علشان زمن الفيلم ما يطولش عن كده، وده خلى ظهور مالك قليل نسبيا وتأثيره أقل بكتير مقارنة بأشرار تانيين زي خافيير بارديم اللي لعب دور مذهل في Skyfall اللي بنعتبره من أقوى أفلام السلسلة.
حتى أن مساحة دور رامي، ما جاوبتش على أسئلة مهمة في السياق الدرامي نفسه. منها سؤال: هو ليه عاوز يسيطر على العالم؟! ليه ظهرت الشخصية المريضة دي، وازاي قدرت تكون الجيش الضخم اللي بيحارب لحسابه؟!
لا تعليق طبعا على مستوى الموسيقى في الفيلم، لكن المقدمة الغنائية اللي كنا مترقبينها، كانت ضعيفه مقارنة بأغاني تانيه زي برضو أغنية المقدمة في skyfall ويكفي أننا طلعنا من الفيلم ماعندناش أي رغبة في البحث عن الأغنية أو تحميلها بشكل منفصل، على العكس من أغنية أديل اللي كسرت الدنيا وقت عرض skyfall
الخلاصة: فيلم No Time To Die هو أحسن نهاية ممكنة لسلسلة قدمت جيمس بوند بشكل ما شوفناهوش قبل كده. احتفظت بالجميل للأفلام السابقة، ولعبت على إحساس النوستالجيا جوانا بدون مبالغة، وقدمت مغامرة جديدة تستحق المتابعة. وحافظت على الإيقاع رغم طول زمن الأحداث.