مقالات كايرو 360

Surviving Black Hawk Down : وثائقي بيفضح اسطورة تفوق الجيش الأمريكي

قراءة سهلة

سنة ٢٠٠١ أنتجت هوليود فيلم Black Hawk Down المأخوذ عن أحداث حقيقية، عن عملية عسكرية بطولية قادتها عناصر  الـ Delta forceوغيرهم من صفوة مقاتلي الجيش الأمريكي، ضد متمردين صوماليين في العاصمة مقديشيو.

الفيلم اللي تم إصداره بعد أحداث ١١ سبتمبر، وفي وقت الأمريكان كانوا بيدوروا على أي انتصار يحسوا فيه بتفوقهم، حصد اعجاب جماهيري كبير، وحصل على جوايز أوسكار في فئات الصوت والمونتاج.

في الفيلم اللي بيستمر على مدار حوالي ساعتين ونصف، بنشوف ازاي القوات الامريكية كانت ضمن قوات حفظ السلام اللي سافرت العاصمة الصومالية مقديشيو علشان يحطوا حد لسيطرة الجنرال محمد فرح عيديد، اللي كان بيعطل جهود الأمم المتحدة في الصومال وبيسرق المساعدات ويبيعها لحسابه

مفهوم طبعا لما تعمل فيلم بيشارك فيه جوش هارتنت و  إيوان مكريجور وإريك بانا وفي توقيت حساس بعد كارثة حصلت لأمريكا، ومع الطبيعة السريعة للأحداث ومشاهد القتال العنيفة، أن الفيلم ينجح، خاصة انه بيقدم لنا الطرح التقليدي المباشر عن الجندي الأمريكي اللي بيقاتل من أجل الخير والسلام ضد التخلف والرجعية، لكن القصة الحقيقية غير القصة اللي استعرضها الفيلم المُنتج سنة ٢٠٠١ تماماً. واحنا هنا مش بنستند على كلام تاريخي ووقائع فقط. احنا بنتكلم بناء على مسلسل وثائقي قصير من ٣ حلقات بعنوان Surviving Black Hawk Down بيتعرض حاليا على نتفليكس. أو زي ما بيقول الميم المشهور “باعترافاتهم”.

في المسلسل الوثائقي Surviving Black Hawk Down المنتج مؤخرا، صناع العمل بيقولوا ان الرواية الحقيقية مختلفة اختلاف كبير عن الفيلم. المرة دي، وبسبب الطبيعة الوثائقية للمسلسل، تمت استضافة الأبطال الحقيقيين للواقعة، سواء من الجانب الأمريكي أو الصومالي.

شوفنا للمرة الأولى القصة من وجهة النظر الصومالية، على لسان واحد من المقاتلين التابعين لميليشيا محمد عيديد، ومصور صحفي كان بيوثق الأحداث بالكاميرا بتاعته، بالإضافة لناس من المدنيين اللي وجدوا نفسهم فجأة وسط جحيم مفتوح عليهم من السماء والأرض في نفس الوقت.

وعلى العكس من الفيلم الهوليودي اللي صور ازاي الجنود الأمريكان كانوا بيفرقوا بين المدنيين الصوماليين العُزل من السلاح وبين العسكريين اللي بيضربوا عليهم نار، في المسلسل الوثائقي بنشوف شهادة واحدة من سكان مقديشيو، اللي عاصرت دخول الأمريكان للمدينة واحتلالهم بيتها، وازاي أطلقوا النار على المدنيين والعسكريين بدون تمييز وانها نجت من الموت بمعجزة.

وعلى العكس من الفيلم الهوليودي اللي صور لنا مدى جاهزية واحترافية الجندي الأمريكي، شوفنا في المسلسل الوثائقي ازاي اتحولت العملية من (نزهة) كان بيتعامل معاها الجنود بمنتهى الاستخفاف، لحرب حقيقية مش للإمساك بالجنرال عيديد، لكن لمجرد البقاء على قيد الحياة!

شوفنا ازاي قدر مجموعة مقاتلين صوماليين، بسلاح خفيف بدائي، وقذيفتين (ار بي جي) انهم يسقطوا طائرتين هليكوبتر من أحدث الطرازات في العالم وقتها، ويسقطوا قتلى من الأمريكان وياخدوا أسير منهم. ودول مش أمريكان عاديين، دي قوات Delta اللي المفترض، الأعلى تدريباً والأكثر تجهيزاً، والأكثر قدرة على القتال في بيئات مختلفة.

شوفنا ازاي الأمريكان كانوا مذعورين بدون أجهزة تحديد المواقع الجغرافية، وازاي انخفضت جاهزيتهم للقتال لما فقدوا أجهزة الرؤية الليلية والتفوق الجوي، وازاي اتحولت المهمة البسيطة لفضيحة عالمية لما شاف الناس في نشرات الأخبار المقاتلين الامريكان وهم بيتم سحلهم وإهانتهم على ايد ميليشيا لا تملك ١٪ من العتاد الأمريكي.

شوفنا اعترافات الجنود الأمريكان بأنهم أطلقوا النار على أي شخص أمامهم بدون تمييز، وان بعضهم نادرا ما كان بيرفع صابعه عن الزناد، وشوفنا واحدة من المدنيين الصوماليين وهي بتقول من وسط دموعها “اللي الأمريكان اعتبروه ساحة حرب ومكان لازم يتم تدميره. كان بالنسبة لي بيتي اللي عيشت فيه!”

في نهاية فيلم Black Hawk Down اللي نظرتنا له دلوقت أصبحت مختلفة بعد ما عرفنا الحقيقة، بنعرف انه تم قتل حوالي ألف صومالي، مابين عسكريين ومدنيين، في المقابل سقط ١٨ قتيل أمريكي، والفيلم بيكتب اسم الـ ١٨ أمريكي، وبيتجاهل تماما الصوماليين، اللي مش كلهم زي ما قولنا كانوا عسكريين.

أكتر ما أحبطنا بخصوص Surviving Black Hawk Down هو انه للأسف ماحققش نفس الزخم اللي حققه فيلم Black  Hawk Downيمكن بسبب ان الناس بتحب أفلام الأكشن اللي فيها ضرب نار وحركة، لكن مش بتحب الوثائقيات اللي بتجمع شهادات وبتوثق بمشاهد حقيقية، حتى لو كانت هي اللي بتقول الحقيقة

زر الذهاب إلى الأعلى