مقالات كايرو 360

The Last Duel : مين بيقول.. الحق

قراءة سهلة

من فترة طويلة نسبيا، وفي رمضان تحديدا، بدأ عرض برنامج (مين بيقول الحق)، وكان بيقدمه أمير كرارة – قبل ما يربي شنبه ويبقا باشا مصر- وكان محقق نسبة مشاهدة رائعة. بسبب فكرته المبتكرة والجديدة، واللي بتخلق حالة منافسة بين المشاهدين مش بس بين الضيوف.

 

البرنامج كان بيستضيف ٣ أشخاص. واحد منهم هو الشخصية الحقيقية اللي في الغالب بتشتغل شغله مش مُعتاده، أو بتمارس رياضة مش كل الناس عارفه عنها معلومات كتير. والشخصيتين التانيين ممثلين. ضيوف البرنامج من المشاهير مهمتهم اختيار الشخص الصادق من بينهم. من خلال توجيه أسئلة لهم في فترة زمنية قصيرة.

ايه العلاقة بين (مين بيقول الحق) و The Last Duel ؟ العلاقة إننا ومن خلال أحداث الفيلم، بنشوف واقعة اغتصاب قام بيها فارس لزوجة صديقه الفارس برضو، لما بيستغل غيابه للقتال. لكن الواقعة دي بيتم حكايتها من خلال الأطراف التلاته الأساسيين. الزوج. الزوجة. والمغتصب. أو مات ديمون ، جودي كومر و آدم درايفر على الترتيب.

 

المبهر في The Last Duel أننا بنشوف القصة بتتحكى ٣ مرات مختلفة. بنفس الوقائع. لكن مع تغييرات طفيفة باختلاف شخصية الراوي، بالتالي بنتحول من مجرد متابعين للأحداث، لدور المشاهير في (مين بيقول الحق)، إحنا كمان بقينا محققين بندقق في التفاصيل علشان نعرف ببساطة… مين بيقول الحق! خاصة وأننا عارفين أن The Last Duelمبني على قصة حقيقية حصلت في فرنسا في العصور الوسطى.

 

شخصية آدم درايفر هي جاكيس ليجرس هي الشخصية الأساسية من وجهة نظرنا. هو اللي بيحرك الأحداث، وهو اللي بيقع عليه اللوم بالاغتصاب، وهو اللي بينفي التهمة، لكن رغم نفيه ده مش بيلغي كونه شخصية قميئة مثيرة للاشمئزاز، متسلق للسلطة وأفكاره ناحية المرأة رجعية جداً. بينما جان دي كاروجيس أو مات ديمون هو البطل المغوار اللي حقه ضائع نتيجة تواطؤ السلطة الملكية في فرنسا ضده رغم بطولاته الحربية. لكن ضياع حقه حوله لشخص عنده شعور بالعظمة والاضطهاد في نفس الوقت، وخلته إنسان عنيف حتى مع أقرب الناس له. أما الزوجة اللي لعبت دورها جودي كومر كانت هي الضحية، لكن في نفس الوقت بنحس ناحيتها بالشكوك لأنها أبدت إعجابها قبل كده بالفارس اللي هايغتصبها، ولأن علاقتها مضطربة بجوزها.

 

ليه بنقول كل ده؟ علشان تشوفوا معانا أن الشخصيات مش مرسومة من منطلق (ملائكة- شياطين) المشهور لما يكون الكاتب عاوز يستسهل، ويخلي المشاهدين تتعاطف مع شخص ضد شخص. والمؤلفين هم مات ديمون وبين أفليك بالمناسبة. ولما كتبوا مع بعض عمل قبل كده كتبوا Good Will Hunting اللي كسر الدنيا سنة ١٩٩٧. بالتالي قرروا يدخلوا المشاهدين طرف في اللعبة. بحيث أننا ما قدرناش نمنع نفسنا من الشك في الجميع. رغم أن القصة اتحكت قدامنا ٣ مرات! دي عبقرية!

 

بمناسبة أن القصة اتحكت ٣ مرات..  سهل قوي أننا كنا نحس بزهق شديد لما نشوف نفس الأحداث بتتعاد تاني وتالت.. خصوصا وزمن الفيلم بيقرب من ٣ ساعات. لكن التمثيل المميز، و(التوريطه) اللي حطنا فيها السيناريو من أول مشهد علشان نشارك بنفسنا في معرفة من الجاني جعلتنا عاوزين نكمل للأخر، وندقق في كل مشهد كمان.

إسم The Last Duel قائم على المبارزة الأخيرة اللي بتحصل بين أبطال الفيلم، وده كان تقليد متبع في أوروبا، لما يحس واحد من الخصوم أنه مظلوم في حكم الملك، فا يترك الحكم للقدر من خلال مبارزة حتى الموت. وهنا نقطة قوة تانيه للفيلم، هي اندماجه الشديد مع نظام الحكم والقضاء في أوروبا في العصور الوسطى. وسط سيطرة شديدة من المنظومة الدينية، وقهر واسع للمرأة بشكل عام، ومعاملتها كمجرد لعبة جنسية، أو إنسانة موصومة بالعار والفضيحة لو فكرت تاخد حقها بالقانون. وكأنها رسالة نسوية مستترة من صناع الفيلم واسقاط على الأوضاع اللي مستمرة معانا لحد النهرده لكن بحده أقل.

 

كل أبطال الفيلم كانوا مذاكرين الشخصيات كويس جدا. الديكورات واختيار أماكن التصوير كانت رائعة. الإضاءة كانت خافته والألوان متحيزة للأزرق علشان تحطنا في زمن الأحداث اللي كانت الإضاءة فيه معتمده على المشاعل والشموع. لكن جودي كومر قدمت أداء استثنائي، مختلف تماما عن اللي قدمته في مسلسل Killing Eve واللي هايخلينا نركز معاها بشدة في اختياراتها القادمة.

 

الفصل الثالث من الأحداث كان مظلوم شويه، لأننا كنا بنتابعه بنصف اهتمام لأننا شوفنا القصة بتتحكي مرتين قبل كده، ولأن كان عندنا لهفة غير عادية أننا نقفز لمشهد المبارزة اللي شوفنا التمهيد له في البداية، واللي تنفيذه كان أكثر من رائع رغم دمويته الشديدة. لكن بشكل عام الفيلم مش للصغار أو لضعاف القلوب لأننا بنشوف فيه مشاهد اغتصاب وقتل كتيره.

 

نقطة ضعف الفيلم هي نفسها نقطة قوته. هو ما قدمش لنا حتى النهاية مُجرم مُدان بشكل واضح. لكن حسينا طول الوقت أننا قدام حالة اختلاف وجهات نظر أفضى الى موت. بنراهن أن كل واحد هايخرج من الفيلم عنده قناعة شخصية مختلفة عن التاني. كل واحد على حسب منظومة القيم عنده.. وكل واحد على حسب تفسيره الشخصي للأحداث. وعلى حسب هو شايف مين.. بيقول الحق

زر الذهاب إلى الأعلى