The Line : عن الخيوط الرفيعة في حياتنا
الفاصل بين الخير والشر، الحق والباطل، والحرب والسلام، شعرة واحدة.. بنحاول دايما نكون بعيدين عن الشعرة دي. لكن من ناحية تانيه في ناس بتحترف السير على الشعرة الفاصلة بين الشيء ونقيضه. ومن هنا تمت تسمية الفيلم الوثائقي اللي قدمته Apple TV+ في 4 حلقات باسم The Line.
سنة ٢٠١٧ نفذت القوات المسلحة العراقية عملية انتشار واسعة لاستعادة الأراضي اللي احتلها تنظيم (داعش) في وقت سابق. العملية العسكرية تمت بالتنسيق مع القوات الأمريكية اللي أرسلت واحدة من أكبر وأهم فرق العمليات الخاصة عندها. على رأس الفرقة دي بنشوف الظابط (ايدي جالاجر) بطل الفيلم.
بعد نهاية العملية بنجاح، بدأ أفراد الفرقة اللي شاركت (جالاجر) يشتكوا من تصرفات قام بيها قائدهم أثناء العملية. ترتقي أنها تكون جريمة حرب كاملة. منها اطلاق نار على مدنيين عراقيين. لكن الواقعة الأساسية اللي اتمحور حواليها الفيلم، هي أن (جالاجر) قتل أسير داعشي بعد استسلامه للقوات الأمريكية.
في بداية معرفتنا بمسلسل The Line حسينا أن القضية ماتستحقش أكتر من حلقة واحدة طويلة، لكن أننا نتفرج على ٤ حلقات زمن الحلقة الواحدة ساعة تقريباً، ده كان كتير شوية بالنسبة لعمل وثائقي بالمقام الأول.
لكن صناع The Line قدروا يحطوا السيناريو اللي يشغلنا على مدار الحلقات الأربعة، من خلال أنه يصحبنا في رحلة في حياة كل واحد من أفراد الفرقة، وازاي لقوا نفسهم في اختيار صعب بين أنهم يبلغوا عن قائدهم، وشريكهم في أرض المعركة، وبين أنهم يسكتوا عن جريمة حرب تم ارتكابها من ظابط أمريكي. دي حاجه تعرفنا أن الفرق بين أنك تكون (واشي) وبين أنك تكون وطني وما تسكتش على الغلط هو (شعرة).
بالنسبة لإيدي جالاجر، هو شايف أنه أدى واجبه، وأن الأسير الداعشي هو بالأساس إنسان تنازل عن قيمه الأخلاقية، وأن لو كان الوضع العكس وكان هو اللي وقع في الاسر، كان هايتقتل لا محالة. بينما الجنود اللي اشتغلوا معاه وحضروا الواقعة، شايفين أن فيه فارق بين ظابط في جيش نظامي، بتحكمه قوانين دولية واتفاقيات حقوق أنسان وحقوق أسرى، وبين فرد في مليشيا مسلحة بيعمل أي حاجه علشان ينتصر في الحرب اللي بيخوضها. دي (شعرة) تانيه بتفرق بين المفترض أنه يحصل، وبين اللي بيحصل بالفعل على أرض الواقع. خاصة في لحظة فارقة زي الحرب. بتغير نفسيات البشر وبتنقلهم من نقيض لنفيض في دقائق.
The Line بيورينا ازاي تدخل الرئيس ترامب في القضية، وازاي لمح أنه هايصدر عفو رئاسي عن (جالاجر) لو تمت ادانته، وبنشوف الشعرة الفاصلة بين التدخل المسموح به، وبين التدخل اللي يغير كفة الأحداث لصالح شخص أو فكرة معينة. The Line قدر أنه يورينا الفرق الشاسع بين القوانين والضوابط اللي بتتكتب على الورق، وبين تطبيق القوانين دي في ساحة معركة شرسة على بيئة غريبة على الجندي الأمريكي بالأساس.
تميز The Line بقدرته على جذب انتباهنا واجبارنا على متابعته طول الوقت. وأنه استند على أحداث حقيقية ومقابلات حقيقية حصلت مع ايدي جالاجر من ناحية، ومع باقي الظباط والجنود اللي شاركوه المعركة، وعلى الجوانب القانونية والإعلامية اللي حصلت أثناء المحاكمة اللي تابعتها أمريكا بالكامل تقريبا.
بنحتفظ لنفسنا بالمعلومة بخصوص نتيجة المحاكمة، هل تمت ادانة (جالاجر) أم لا علشان ما نحرقش عليكم الأحداث. لكن بشكل عام، The Line هو فيلم وثائقي عن شخص قرر يمشي على الشعرة الفاصلة بين القتل المصرح به، وبين القتل كجريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي. وبيفتح لنا عشرات الخيوط الرفيعة التانيه في حياتنا.. علشان نفكر دايما من وجهة نظر الطرف الأخر، اللي هو كمان عنده خيوطه الخاصة به.