مقالات التقرير

Unfriended : هل نُساهم يوميا فى انتحار الأخرين؟!

قراءة سهلة

يبدو فيلم Unfriended للوهلة الأولي فيلماً مرعباً من النوعية منخفضة التكلفة. لكن الظلال التى يلقيها الفيلم على حوادث انتحار المراهقات فى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية بشكل عام. تبدو قاتمة بشكل يستحق تسليط بعض الضوء عليها.

(التقرير) تغوص فى احداث الفيلم.. واحداث انتحار المراهقات فى الدول الاغني والاكثر احتراماً لحقوق الانسان –على حد تعبير حكامها- فى العالم.

تم تصوير الفيلم بالكامل عبر جهاز الحاسب المحمول الشخصى الخاص بأحدي بطلات الفيلم، ونشاهد الفيلم بالكامل عبر اسلوب تصوير الحاسوب Screen Shoot ، وهى حيلة ذكية تم استخدامها لتخفيض تكلفة انتاج الفيلم، وتقديم حالة من الرعب بشكل فريد فى ان واحد، وهو ما نجح فيه المخرج  Levan Gabriadze وهو مخرج صاحب تاريخ قصير وغير قوي فى تاريخ السينما، لكن من الواضح انه حظي بضربة عمره اخيراً من خلال Unfriended .

يبدأ الفيلم بمقطع فيديو يتم تشغيله عبر موقع (يوتيوب) يُظهر انتحار فتاة مراهقة، بعد انتشار فيديو سابق لها على نفس الموقع يظهرها فى بعض الأوضاع المشينة فى حالة سكر اثناء احتفال اقامه زملائها فى الثانوية. تقوم بطلة الفيلم بتشغيل المقطع لأن اليوم هو الذكري السنوية لانتحار زميلتهم. لكن .. هل انتهت الاحداث عند هذا الحد؟!

 

تبدأ محادثة بالفيديو مع مجموعة من الأصدقاء فى نفس المدرسة عشية الذكري السنوية الاولى لانتحار صديقتهم. لكن مستخدم مجهول لبرنامج (سكايب) يستطيع التسلسل فى المحادثة امام الجميع، وتفشل كل محاولات اخراجه من المحادثة. لتبدأ الأحداث الغرائبية فى البداية! لكن هل انتهت الأحداث عند هذا الحد؟!

نبدأ مع تتابع احداث الفيلم فى اكتشاف الحقائق واحده تلو الأخري.. هل المراهقين الابرياء الذين نراهم فى بداية الفيلم ابرياء الى هذا الحد فعلا؟! ام ان جميعهم مسئولين –بصورة مباشرة او غير مباشرة- عن انتحار صديقتهم؟

يبدأ الشبح الألكتروني المتلصص على محادثة برنامج (سكايب) التى تجمع اصدقاء المراهقة المنتحرة، يبدا فى التلاعب باعصاب الجميع، وممارسة الالعاب القاتلة مع الجميع بلا استثناء، كل هذا الضغط العصبى يسعي للوصول لاجابة واحدة : من المسئول عن انتحار الطالبة المراهقة؟! او بمعني اخر : ما هى حدود مسئولية كل  منهم عن انتشار الفيديو الذى ادي لانتحار الفتاة؟!

يحول الشبح العائد للحياة فى صورة نبضة  الكترونية حياة الاصدقاء الى جحيم، مهدداً بقتل الجميع اذا حاول احدهم الخروج من برنامج (سكايب) او حتي فصل كيبل الأنترنت الخاص به. الشبح قادر على التحكم فى شبكات الهاتف والأضاءة، وحتي انظمة كاميرات المراقبة ومواقع صفحات التواصل الاجتماعي.

يستمر الشبح فى لعب لعبة قاتلة مع الأصدقاء.. يطرح السؤال ثم يترك الفرصة للجميع للأجابة.. وفى كل دورة يخسر الاصدقاء واحداً منهم هو من لم يجيب بصدق.. هذه الالعاب التى يعرفها المراهقين جيداً.. الفارق الوحيد ان من يحبون هذه الالعاب قد يلعبوها على الشاطيء فى ليلة حارة.. ليس عبر مجموعة من الغرف المغلقة والمتصلة عبر الانترنت بقاعة دردشة على (سكايب)، والاختلاف الثاني ان من يفشل فى هذه الألعاب لا يتم قتله بهذه الطريقة البشعة والمرعبة!

الأداء التمثيلي للأبطال استطاع نقل احساس الهلع من المجهول من ابطال الفيلم للمشاهدين، كما لعبت المؤثرات الخاصة دوراً هاماً فى الاحداث، لكن بعض المشاهد قد تكون ثقيلة على نفس المشاهد مثل مشهد (فرم) يد احد الشباب فى (الخلاط) الخاص بالمنزل، وغيرها من المشاهد التى قد تضايق اصحاب المشاعر المرهفة من المشاهدين.

يتركنا الفيلم فى نهاية احداثه بتساؤل مفتوح.. هل من الممكن التخلص من شبح الفتاة العائد، ام ان التنمر الالكتروني جريمة لا تسقط بالتقادم ولا يمكن غفرانها؟ وهل يسامح الشبح الضحية الوحيدة المتبقية على قيد الحياة؟

 

تم تصوير الفيلم فى فيلا واحده كبيرة، ضمت كل غرفة منها احد ابطال الفيلم، وتم اختلاق شاشة مزيفة من برنامج (سكايب) وتم تركيب المشاهد التمثيلية عليها، حرصا على عدم انقطاع الاتصال او حدوث اى مشكلات تقنية اذا كان تم تصوير الفيلم عبر مكالمة (سكايب) حقيقية. كما ان جزئا كبيراً من الحوار فى الفيلم مُرتجل ولم يتم الاتفاق عليه او كتابته مسبقاً، ما ادي لحوار حقيقي وتصرفات بديهية من الابطال ما ادي للمزيد من الواقعية فى الاحداث.

ان التنمر الألكتروني والسخرية من الاخرين والضغط على اعصابهم والتلاعب بمشاعرهم، يعد واحدا من اهم اسباب انتحار المراهقين فى الولايات المتحدة وكندا واوروبا، وتم توثيق العديد من الحالات التى لعبت فيها السخرية الالكترونية من الاخرين دورا هاما فى افساد حياتهم ودفعهم دفعاً للانتحار.

فى ديسمبر الماضى، اقدمت المراهقة الامريكية Amber Cornwell ذات الستة عشر ربيعاً  على الانتحار فى منزل اسرتها فى مقاطعة نورث كارولينا الامريكية. قبلها كتبت (امبر) على حسابها الشخصى على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) تقول : If I die tonight, would anyone cry? (هل سيبكيني احد اذا مُت اليوم)؟!

تحقيقات الشرطة وشهادة اهلها قالت ان (امبر) تعرضت للبلطجة من زملائها بالدراسة، وان العديد من الرسائل العدائية تم ارسالها لها عبر موقع (فيس بوك) ما ادي لسوء حالتها النفسية، ومن ثم اقدامها على الانتحار.

أنشأ اصدقاء (امبر) صفحة على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) لتلقى التعازي وتخليد ذكري صديقتهم.

ولا تتوقف حالات التنمر واصطياد الاخطاء واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي للتشهير بالاخرين على زملاء الدراسة والاصدقاء، بل قد تصل الى  افراد الاسرة انفسهم فى كثير من الاحيان.

 

ففى 29 مايو اقدمت المراهقة الامريكية ذات الثلاثة عشر ربيعا Izabel Laxamana على الانتحار، بعد تسريب فيديو قصير لها على الموقع الشهير (يوتيوب) يظهر  قيام والدها بمعاقبتها بقص شعرها… انتشار الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وفى مدرسة (ايزابيل) ادي فى النهاية لأقدامها على الانتحار.

هذه المرة قام اصدقاء (ايزابيل) بتدشين صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك تطالب بالقصاص وتحقيق العدالة فى التحقيقات السارية بخصوص انتحارها. يمكن متابعة الصفحة من هنا.

 

بعدها بفترة اقدمت الكندية (اماندا تود) على الانتحار عن عمر 19 سنة بعد فضيحة تم تسريبها لها على مواقع التواصل الاجتماعي، والتى ظلت تلاحقها حتي بعدما غيرت مدرستها وسكنها لأكثر من مرة. قررت (تود) الأنتحار بينما تركت رسالة فى مقطع فيديو مصور على موقع (يوتيوب) تحكي فيه قصة حياتها وقالت في نهاية الفيديو الذى عرضت فيه القصة من خلال تمريرها لمجموعة من الأوراق المكتوبة I have nobody .. I need someone  (لا يوجد احد فى حياتي… احتاج شخص ما).

الغمز واللمز والتنمر الالكتروني يؤدي للعديد من المصائب فى المجتمع الغربي، اولها الاكتئاب واقصاها الانتحار.. ان فيلم Unfriendedيناقش فيما يناقش هذه القضية الحساسة والشائكة، ويضعنا امام مسئوليتنا الحقيقية امام كل تعليق وكل موضوع نكتبه على مواقع التواصل الاجتماعي.. هل تسببنا بشكل او باخر فى انتحار الاخرين

 

زر الذهاب إلى الأعلى