البر التاني: مأساة الهجرة غير الشرعية فى مصر
بقى لنا فترة طويلة جداً ماشوفناش فيلم عربي يستحق الإشادة، ويستحق 5 نجوم من 5 فى تقييماتنا، والحقيقة إن دي مناسبة تستحق الاحتفال فى حد ذاتها، لكن موضوع الفيلم وقصته اللى بنشوفها فى وقت متزامن مع حوادث الهجرة غير المشروعة اللى بنسمع عنها مؤخراً، كلها عوامل بتخلينا نشعر بالحزن والأسى على اللى بيحصل، لكن ده مايمنعش إحتفائنا بالفيلم.
(البر التاني) من بطولة محمد علي و حنان سليمان و عبدالعزيز مخيون و عمرو القاضي و عفاف شعيب و محمد مهران ومن إخراج على إدريس وتأليف زينب عزيز.
الفيلم بيحكي قصة مجموعة من الشباب بتقرر الهجرة عن مصر إلي إيطاليا بطريقة غير شرعية من خلال الإلتحاق بمافيا تهريب البشر. الأمر اللى بيضعهم أمام مواجهات بلا بداية ولا نهاية مع ظروف البحر والتهريب والسلطات وخلافه، لكن الصراع الأقوي فى الفيلم كان بالأساس صراع لتوفير الفلوس لدفعها لعصابات التهريب.
الفيلم بيبدأ بمناقشة قضايا الشباب اللى هانشوفهم بعد كده خلال رحلة الهرب، المال كان المحرك الأساسي لسفر كل الشباب تقريباً، إما علشان الشاب يقدر يتزوج أو علشان يقدر يعول أسرته، كل واحد فيهم كان بيعمل المستحيل علشان يقدر يجمع المبلغ المطلوب دفعه.
بنشوف بعد كده الرحلة الطويلة على المركب الخاصة بالتهريب، وإزاي بيبدأ مجموعة من الشباب من مستويات ثقافية وتعليمية مختلفة إنهم يتعاملوا مع بعض علشان يتغلبوا على المشاكل الصعبة أثناء الرحلة، خاصة من المعاملة السيئة جدا من قبطان المركب، والحالة المتهالكة للمركب واللى بتخلي اتمامها لرحلة زي دي تحدي بحد ذاته.
الأداء التمثيلي للأبطال كان أكتر من رائع، محمد علي قدر يثبت انه فنان متميز قادر على تأدية الدور المطلوب منه على أفضل ما يكون، ونقدر نقول إن علي كان هو اللى شايل الفيلم على أكتافه تمثيلياً وإنتاجياً كمان.. علشان عرفنا ان محمد أنتج الفيلم على نفقته الخاصة واللى تكلف حوالى 25 مليون جنيه.
على الرغم من صغر مساحة دور حنان سليمان وعبد العزيز مخيون إلا إنهم أدوا ادوارهم بأفضل ما يكون، وماقدرناش نمنع دموعنا من بعض المشاهد اللى أدوها بمنتهي الإحترافية والذكاء وعدم الإصطناع فى نفس الوقت وده شىء يحسب لهم.
محمد مهران واللى بيظهر فى مرحلة متأخرة نسبياً من زمن الفيلم بيقدم أداء متميز جداً بيخلينا ننسى السقطة التمثيلية له فى فيلم (من 30 سنة) مع أحمد السقا، والحقيقة إن مهران واحد من أنجح فنانين جيله ومش هاننسى دوره فى فيلم (أسرار عائلية) واللى قدم فيه دور شاب مثلي جنسياً بكل ما يعنيه الأمر من مشاكل وتحديات فى مجتمع زي مصر.
سيناريو الفيلم كان متقسم بطريقة متميزة تخلينا لا نشعر بالملل أبداً، أما الحوار فكان طبيعي وغير متكلف، وكأنه نابع بشكل انسيابي بسيط من الفنانين اللى بيأدوا كل الأدوار، أما الموسيقى التصويرية الخافتة والحزينة فا حملت فى طياتها حالة من الشجن جعلتنا فى حالة من الحزن أثناء متابعة الفيلم.
ديكورات المركب، ومنازل أبطال الفيلم كلها ديكورات تم تنفيذها بعناية متميزة، كمان المؤثرات الخاصة ومشاهد غرق السفنية كلها تم تنفيذها بحرفية عالية، وتضافرت فيها جهود الإنتاج مع التمثيل مع الموسيقى علشان تنتج لنا فى النهاية فيلم ناجح ومتميز على كافة الاصعدة.
(البر التاني) فيلم مصري محترم وقادر على المنافسة فنيا… بيناقش قضية فى منتهى الأهمية ولا يعيبه سوي إن جرعة (النكد) فيه عاليه شويه علشان كده مش بنرشحه للمشاهدة للناس اللى أعصابها بتتعب بسرعة.