جريدة المقال

الدراما المصرية ومحاولة الخروج من القوالب الثابته!

قراءة سهلة

“شكرا” …  كانت هذه هى الكلمة العربية الوحيدة التى قالها (سام اسماعيل) صاحب الأصول المصرية، اثناء تكريمه فى الجولدن جلوبلحصوله على جائزة افضل مسلسل عن المسلسل الذى قام بتأليفه وأخراجه، وقام ببطولته مصري أخر هو (رامي مالك) الذى استطاع القيام بدور مخترق الكمبيوتر (الهاكر) الذى يتسلل لأنظمة الحاسب الألي من أجل القيام بمهام فى غاية الخطورة… المصريون يقودون حركة التغيير فى الدراما خارج مصر.. لماذا اذن نفشل فى تقديم دراما مصرية مختلفة؟!

من المهم، بل من الضروري، ان يتناول صناع الدراما فى مصر قصة نجاح (السيد روبوت) بالكثير من الأهتمام والتدقيق، أولاً لأن المؤلف والمخرج والبطل الأساسى للمسلسل كلاهما من مصر، وثانياً لأن التجربة بالكامل قابلة لاعادة التطبيق على الدراما المصرية، تلك التى يُنفق على انتاج اعمالها الجديدة الملايين سنوياً، بينما تستطيع الولايات المتحدة انتاج اعمال درامية اقل تكلفة واكثر نجاحاً وتأثيراً، فما الذى فاتنا فى هذه المعادلة بالظبط؟!

مشكلة معظم صناع الدراما فى مصر، اعتمادهم على الأنماط الثابتة والغير متغيرة، سواء على مستوي الموضوعات التى تناقشها المسلسلات او على مستوي جودة الصورة ومدي قدرة العناصر المساعدة لأنتاج العمل الفني على العمل بشكل مؤثر وجاد وحقيقي لإنجاح العمل الدرامي.

فعلى سبيل المثال لا يتم تصوير عباقرة الكمبيوتر او المهووسين بعالم الأنترنت والأختراق وتأمين مواقع الأنترنت سوي كمخابيل يرتدون العوينات ولا يكفون عن (التهتهه) والنظر بعصبية وعدم اتزان، ولا يتم الأهتمام بالمشاهد التى يظهرون فيها اثناء عملهم على اجهزة الحاسب الالي سوي باظهارهم يضربون يمينا ويسارا بسرعة على (الكيبورد) كأنهم يعزفون لحنا لا يكتبون حروفا! هذه مشاهد يضحك عليها اي صبي فى اي مدرسة اعدادية.. فكلنا نعلم ان الحقيقة ليست تلك التى نشاهدها على الشاشة.

على العكس من هذا ظهر مسلسل Mr.Robot بشخصيات تحترم عقلية المشاهد، هؤلاء الذين قاموا بأدوار الهاكرز كانوا اشخاصا عادية.. حقيقية، من لحم ودم تقابلها كل يوم فى الشارع والعمل، ليست شخصيات فانتازية او كوميدية، فالكوميديا ليست الهدف الرئيسي او حتي الفرعي من احداث المسلسل، على العكس من الدراما المصرية التى تهتم بالخط الكوميدي فى المسلسل، وقد يصل الأمر لأقحام بعض الشخصيات لاضافة الحس الفكاهي للأحداث، ناهيك عن سيطرة سلسلة من المسلسلات الكوميدية على الدراما المصرية بشكل يعطي للدراما المصرية كلها طابعاً هزلياً لا يليق بها.

البساطه.. المباشرة.. التجديد فى الكتابه والأخراج.. هذه المعادلة البسيطة –والصعبة فى ان واحد- هى ما اعتمد عليه صناع مسلسل (السيد روبوت)، وهو ما مكنهم فى النهاية من التفوق على مسلسل ذائع الشهرة وضخم الأنتاج هو (لعبة العروش)، والذى توقع له معظم النقاد والجمهور على حد سواء تحقيق نجاح كبير والقدرة على حصد العدد الأكبر من الجوائز، ولدينا العديد من التجارب الدرامية المصرية التى استطاعت اللعب على هذه الأوتار وتحقيق النجاح، لكن لا تزال الغالبية العظمي من المسلسلات الدرامية المصرية تلعب فى منطقة أمنه وثابته.

وللأسف يمكننا رصد حالة من حالات “تركنة” المسلسلات المصرية، أي جعلها اشبه ما يكون بالمسلسلات التركية، من حيث الأهتمام بعمل اكثر من موسم للمسلسل الواحد، والمط والتطويل فى الأحداث، وادخال العديد من العناصر الفنية المستخدمة بقوة فى المسلسلات التركية، ايضاً نلاحظ حالة من حالات الأستسهال فى تقديم الموضوعات المقتبسة من مسلسلات أجنبية مثل مسلسل هبة رجل الغراب، وغيرها من المسلسلات التى تعتمد بالمقام الأول على ترجمة وتمصير بعض المسلسلات الأجنبية ذائعة الصيت.

اننا نهمس فى اذن صناع الدراما فى مصر.. حبا فى الله وفى المشاهدين الغلابة.. نوعوا وطوروا فى ما تقدمونه، ولا تكتفوا بالصور النمطية لأبطال المسلسلات، وابتعدوا ولو قليلاً عن تقليد الغرب والأتراك فى نوعية الدراما التى تقدموها، واخيرا وليس اخرا… تعلموا من تجربة Mr.Robot التى يقف وراءها بالأساس.. فنانين من اصل مصري.

جولدن جلوب : مجموعة جوائز سنوية تقدم للمبدعين فى مجال الأفلام والتليفزيون. بدأت الجائزة فى 1944 حتي اليوم وتحولت لمهرجان فني كبير يهتم عشاق الفن بحضور فعالياته وتغطية أحداثه وجوائزه.

لعبة العروش : مسلسل فاننتازيا تاريخية من انتاج شبكة HBO ويحكي عن صراع خيالى على عروش 7 ممالك عظيمة، بينما يتهددها عدد من المخاطر الخارجية المحدقه.

زر الذهاب إلى الأعلى