فيلم Causeway : الكنز في الرحلة!
لو حبينا نختصر قصة فيلم Causeway في بضع كلمات، هانقول أنه عن جندية في الجيش الأمريكي، بتحاول تتأقلم مع المجتمع – ومع نفسها- بعد اصابتها في الحرب. ولو أقسمنا لكم أننا استمتعنا بمشاهدة فيلم بالبساطة دي، والرتم الهادي ده، وماحسيناش أننا محتاجين نتخطى مشهد واحد من المشاهد، هاتتهمونا بالكدب. لكن الحقيقة أن دائماً وأبداً، جمال السينما مش في كم الأحداث والمشاهد اللي في الفيلم، لكن بمدى جمال وعذوبة المشاهد والحوارات، وقدرتها على لمس قلوبنا والتغلغل لأرواحنا. علشان كده بنقول دايماً أن الكنز في الرحلة. مش في الوصول لخط النهاية والسلام.
فيلم Causeway كان أمامه عقبات كتير، منها أنه العمل الأول للمخرجه ليلى نويجباور اللي قدمت قبل كده حلقات في مسلسلات كاملة. ومنها تأخر عرض الفيلم وبالتالي المخاطره بعدم قدرته على مواكبة التطورات الزمنية اللي بنعيشها. بالإضافة لنقص الميزانية اللي كان واضح في انخفاض عدد الممثلين، والاستعاضة عن مشاهد الحرب وتجسيدها على الشاشة، بمجرد حكي البطلة عنها بشكل مسموع. والعرض لوقت قليل في السينمات وبعدها عرضه على منصات المشاهدة حسب الطلب.
نقاط ضعف الفيلم حولتها المخرجة نويجباور لنقاط ضعف، وده ذكاء شديد يحسب لها. بمعنى أنها استغلت عدم قدرتها على تنفيذ مشاهد حربية بميزانية ضخمة، علشان تخلي بطلة فيلمها (جينفر لورانس) تحكي عن اللي حصل لها مع الطبيب النفسي، ونتابع ملامح وجهها الجامدة وهي بتحكي، واحنا عارفين أن نفسها من جوه بتتعذب من استعادة الموقف الصعب اللي مرت به. والاستعاضة عن التكلفة الإنتاجية الكبيرة بحوارات جميلة طويلة ما يزهقش منها المشاهد، وفي نفس الوقت تكون غير مكلفة انتاجيا.
ذكاء الإخراج كان هايكون بلاقيمة، لولا القدرة التمثيلية الممتازة من جينفر لورانس و بريان تيري هنري. واللي كان بينهم كيمياء أكثر من عظيمة. خاصة أن الاتنين بيتبعوا مدرسة في التمثيل، معتمدة على الانفعالات والمشاعر الداخلية، وإبرازها من خلال نظرة العين وحركة الجسم، وده كان واضح في مشهد الماستر سين في حمام السباحة. لما بنشوف كل شخصية بتطلع اللي عندها بكل صدق وصراحة.
توظيف الموسيقى التصويرية كان في منتهى الذكاء، وكان متفاعل مع أصوات البيئة المحيطة بالتصوير بشكل ذكي. كمان عجبنا استعراض نمط الحياه اليومي، ديكورات المنازل، مواقف الاتوبيس وموديلات السيارات والمطاعم. كل مشهد شوفناه في الفيلم كان مفعم بالحميمية ومتناغم مع باقي المشاهد بشكل أكثر من رائع. وحتى مع الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة زي مشهد لقاء الأخ والأخت في السجن. وتفاصيل تانيه مش عاوزين نحرقها عليكم علشان لا تفسد متعة المشاهدة.
هل معنى كده أن Causeway مكانش فيه عيوب؟ العيب الأساسي من وجهة نظرنا كان نهاية الفيلم اللي حسينا أنها مبتورة. وكأنها حلقة مسلسل من اللي تخصصت ليلى نويجباور في اخراجهم. كمان نقدر نقول أن الفيلم مش لكل المشاهدين، بمعنى أنه مش صالح للمشاهدة للناس اللي عاوزه تتفرج على أحداث متعاقبة، أو منتظرة مشاهد أكشن أو رعب.
وعلى الرغم من أن الفيلم قدم قبل النهاية إجابة عن كل الأسئلة المُعلقة، لكن حسينا أننا كنا محتاجين وقت أطول بصحبة (ليندسي) ورحلة عبورها على (جسر).. ربما يكون جسر غير مرئي، لكنه في الحقيقة جسر رابط بين الرغبة في الهروب من حياه ومشاكل لم تختارها. الى أسلوب حياه جديد تملك فيه – على الأقل- حرية الاختيار. وهو ده أجمل ما في فيلم Causeway اللي تقدروا تشوفوه على منصة Apple TV+