مقالات التقرير

كان : التاريخ.. الجائزة.. والسينما

قراءة سهلة

فى فرنسا دولة الثقافة والفن، وفى كان مدينة السينما والمهرجانات، وتحديدا فى قصر المهرجانات في شارع لاكروازييت الشهير على سواحل خليج كان. يقام سنويا -عادة فى شهر مايو- مهرجان سينمائى هو واحد من اشهر المهرجانات السينمائية فى التاريخ، وهو المهرجان الذى يحمل نفس الاسم للمدينة التى يقام بها .. (مهرجان كان).

 

لا يعرف الكثيرون ان الدورة الاولى لمهرجان كان، كان من المقرر ان تعقد فى سبتمبر 1939 الا ان ظرف نشوب الحرب بين بريطانيا وفرنسا، وبين المانيا النازية، حالت دون استمرار المهرجان، فتم الغاؤه فى اليوم الثالث لانعقاده.

 

تم اعادة المهرجان من جديد للحياة بعد عام كامل من نهاية الحرب العالمية الثانية. ثم تم ايقافه فى السنوات 1984 و 1950 و 1968 لظروف تمويلية ومادية، لكن دورات المهرجان لم تتوقف من بعد 1968 حتي اليوم.

 

يشارك فى المهرجان صناع الافلام من ممثلين ومنتجين ومخرجين من شتي بقاع الارض، وتتحول مدينة كان فى ايام المهرجان لقلعة تحتضن الفن والفنانين، وتولد فى رحم المهرجان العديد من المشاريع الفنية الهامة التى تلقي رواجا مضاعفا لدي العاملين بالمجال، كونها خرجت من المهرجان الذى يعده البعض الاكثر شهرة وكلاسية بين مهرجانات السينما.

 

للمهرجان جائزتين اساسيتين: الأولي : السعفة الذهبية، وتمنح لافضل فيلم حسب تقييم لجنة التحكيم ووفقاً للمعايير السينمائية المتفق عليها، اما الثانية : فالجائزة الكبري، وتمنح لافضل فيلم من وجهه نظر لجنة التحكيم دون النظر للمعايير السينمائية. بعد ذلك تتنوع الجوائز لتشمل :

جائزة لجنة التحكيم. جائزة أفضل إخراج. جائزة أفضل سيناريو. جائزة أفضل ممثل.جائزة أفضل ممثلة. جائزة أفضل فيلم قصير. جائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم قصير.

ولا يقتصر الاهتمام بالمهرجان للجوائز التي يقدمها، او الحشد الاعلامي المصاحب له، بل يتجاوزه ليشمل العديد من الاحداث السينمائية والثقافية الهامة المرتبطة بالسينما، مثل حدث (سوق الفيلم) الذى يتم عرض مجموعة من الافلام المختلفة مقابل اجر مادي من منتجي هذه الافلام، دون النظر لفيمتها الفنية او السينمائية لأتاحة الفرصة لعشاق السينما الاستمتاع بعروض مختلفة بعيداً عن قيمتها السينمائية، وايضا اتاحة الفرصة للمنتجين تقديم انتاجاتهم السينمائية المختلفة للجمهور بعيدا عن معايير القيمة.

ويمكن ملاحظة حدث (اسبوع النقاد) وهو حدث فني يهتم بعرض مجموعة من الافلام من خلال جمعية نقاد معينة تهدف لعرض مجموعة من افلام العام واتاحتها لرواد المهرجان لتسليط الضوء عليها وتمكين المهتمين بعالم السينما من  مشاهدتها خلال فاعليات المهرجان.

وللأفلام القصيرة نصيب مع (كان) من خلال ما يعرف بـ(قسم الافلام القصيرة) والذى يركز بشكل رئيسي –كما يتضح من الاسم- على فئة الافلام القصيرة، خاصة هذه التى تم استبعادها من مراحل التصفيات المختلفة للمهرجان. ويركز الحدث على عرض هذه الافلام

ولأن المهرجان يحظي باهتمام ومتابعة كل محبى السينما من المتخصصين وغير المتخصصين على مستوي العالم، فان المهرجان يهتم بعرض الافلام السينمائية الخاصة باحد الدول الغير مشهورة سينمائيا، بهدف تسليط الضوء على السينما فى هذه الدول ووضعها تحت بؤرة الاهتمام السينمائى والثقافى من المخرجين والمنتجين وحتي النقاد والمشاهدين التقليديين من خلال حدث (سينما العالم) الذى يتضمنه المهرجان فى برنامجه الغني بالعروض السينمائية المختلفة.

ولا يعتبر المهرجان مجرد فرصة حقيقية للسينمائين من انحاء العالم لعرض انتاجاتهم السينمائية فحسب، بل يتجاوزها لما يمكن تسميته (عرض ازياء)، حيث يتسابق النجوم على ارتداء احدث صيحات بيوت الازياء العالمية، والتى ينتشر مندوبيها فى ربوع (كان) للتعاقد على ابرز صيحات الملابس وفساتين السهرة، بل يصل الامر بأحدث بيوت الأزياء العالمية لأفتتاح فروع متنقلة لها فى منتجع الريفيرا الشهير، وافتتاح فروعها فى الفنادق الضخمة المحيطة بالمهرجان، والتى تبيع عدداً من المقتنيات المحدودة المخصصة للنجوم بأسعار فلكية.

ولا يمكن الحديث عن الازياء دون ذكر السجادة الحمراء الشهيرة التى تستقبل النجوم اثناء دخولهم المهرجان، حيث تتعاقد شركات الازياء العملاقة مع النجوم على ارتداء احدث صيحاتها مقابل مبالغ ضخمة تُدفع للنجوم وفقاً لشروط صارمة يتم تحديدها فى عقود سرية بين بيوت الازياء والنجوم، وتضمن هذه العقود لبيوت الازياء عرض احدث منتجاتها من خلال ارتداء النجوم لها على السجادة الحمراء التى تتحول فى وقت المهرجان لاهم واكبر عرض ازياء مفتوح يشاهدة ما يزيد عن مليار انسان عبر قارات العالم، بالأضافة لكونها ميزة كبيرة للنجوم لارتداء احدث صيحات الازياء امام الجماهير، وبمقابل مادي ضخم.

ولا يمكن ان ننهي الحديث عن مهرجان كان وتاريخه الحافل دون ذكر بعض الشخصيات المرتبطة بالمهرجان، ولعل ابرزها المخرج المصري العبقري يوسف شاهين، والذي حصد جائزة الانجاز العام عن مهرجان كان فى دورته التى عقدت فى 1997 عن فيلم المصير، ثم حصد جائزه فرنسوا كاليه من نفس المهرجان عن فيلمه (الأخر) فى دورته المنعقدة فى 1999

كما حصل بعض المخرجين على جائزة السعفة الذهبية اكثر من مرة وهم :

  • بيل أوغوست: بيل الفاتح (1988) وأفضل النوايا (1992).
  • فرانسيس فورد كوبولا: المحادثة (1974) والقيامة الآن (1997).
  • الإخوة دردان: روزيتا (1999) والطفل (2005).
  • مايكل هاينيكي: الشريط الأبيض (2009) والحب (2012).
  • إيمامورا شوهيه: قصة ناراياما (1983) وثعبان البحر (1997).
  • أمير كوستوريتسا: أبي في رحلة عمل (1985) وتحت الأرض (1995).
  • الف سوبيرغ: إريس وقلب الملازم (1946) والآنسة جولي (1951).

الحديث عن مهرجان كان لا ينتهي، ودورة المهرجان للعالم الحالى من المتوقع ان تكون اكثر تميزاً وابهاراً عن باقى السنوات. واذا كنت تظن ان جعبة (التقرير) عن مهرجان كان قد انتهت بنهاية التقرير، فستغير رأيك بالتأكيد عندما تطالع باقى مواضيع الزاوية الفنية فى تغطية شاملة ومتميزة للمهرجان الاكثر شهرة فى تاريخ السينما.

زر الذهاب إلى الأعلى