ولاد رزق : أكشن بشكل مختلف
بمشاهد افتتاحية سريعة ورصد لبيئة محفوظة للحارة المصرية ومجتمع ما تحت الأرض فى مصر، يبدأ فيلم المخرج طارق العريان الجديد (ولاد رزق) ، لكن القصة والسيناريو والاخراج لم يكونوا بنفس التقليدية التى بدا بها الفيلم. هذا النقد يتناول فيلم ولاد رزق بدون حرق احداث.
اربعة أخوة يجمعهم الفقر والجوع، يتفقون على البطش باعدائهم، والقفز من مستنقع الفقر الى جنة الثروة، القفزة التى لن تتحقق الا بوسائل غير مشروعة بالطبع، يستعرض الفيلم قصة الاشقاء الاربعة من خلال حكاية صديق مشترك للأخوة (احمد الفيشاوي) لظابط الشرطة المكلف بالقبض على الأخوة (محمد ممدوح) .
لا تتوقف القصة عند هذا الحد، بل تاخذنا فى عالم متشابك من عوالم الجريمة المنظمة فى مصر، ما بين تجارة السلاح والمخدرات، السرقة بالاكراه والخطف، مع الكثير من التعرض لمشاهد اصطحاب العاهرات لبيوت مشبوهة لزوم (الفرفشة) بعد كل عملية ناجحة، مع خلاف خارجي من الغموض لا ينكشف الا فى المشاهد النهائية للفيلم، وهى الحيل التى اجادها ويجيدها المخرج طارق العريان، والمتاثر لدرجة كبيرة بالمدرسة الامريكية الهوليودية فى افلامه، مع العديد من الاقتباسات والاسقاطات خلال مجريات احداث الفيلم.
نعتقد ان الفيلم الذى شاركت فى انتاجه المطربة اصالة نصري، استطاع تحقيق جانب كبير من معادلة العصف الذهني لفيلم الحركة الامريكي، مع لمحة من الغموض شابت الاحداث من البداية للنهاية، لكن المشاهد الحذق يستطيع استنتاج فحوي الفيلم فى منتصف الاحداث تقريباً، اما هؤلاء الذين اخذهم المخرج على حين غرة، فتعالت صيحاتهم اعجاباً بالفيلم الذى يعرض فى موسم عيد الفطر، واحد من اغني مواسم السينما ازدهاراً وترحيباً بالأفلام.
الاخوة الاربعة يبدأ اسمهم بحرف الراء فى مفارقة نظن انها مقصودة، (رضا) هو الفنان احمد عز فى دور البطولة حيث يجسد شخصية الاخ الاكبر والمسئول عن التخطيط والتدبير للعمليات الاجرامية، عمرو يوسف فى دور ربيع رزق، الشريك المخالف والساعي دوماً بعيداً عن الطاعة، فى اسقاط غير مباشر على عصيان أبليس لأوامر الله فى بدء الخليقة.
استطاع عز التغيير من شكله واكتساب قليلاً من سمات (الصايع)، مع انخفاض ملحوظ فى وزنه وقدرة متميزة على القيام بدوره، كما استطاع (يوسف) اتقان دوره وان جاء فى مساحه محفوظة ومتوقعة من الاداء، كنا نتوقع المزيد من الخروج عن المألوف فيها.
كريم قاسم فى دور رمضان و احمد داوود فى دور رجب، مساحة دور الاول لم تكن قوية بالقدر الكافى، اما الثاني فاستطاع تقديم دور جديد على طبيعة ادواره واتحافنا بأداء مختلف.
سيد رجب كالمعتاد لم يخيب ظننا، مع بعض التكرار فى اداء شخصية زعيم العصابة صاحب القفشات الكلامية والحركات الدرامية الكوميدية المؤثرة، اما محمد ممدوح فاستطاع تقمص دور ظابط الشرطة بشكل متميز، مع بحة صوت مميزة تذكرنا بتلك النبرة الكلامية المختلفة التى اداها فى شخصية الطبيب النفسى فى (الفيل الازرق) .. سيكون لممدوح شأن عظيم فى السينما المصرية فانتظروه.
البطولة النسائية لنسرين امين تاهت فى خضم شخصيات بنات الليل والراقصات. كنت اتوقع مساحة تمثيل افضل واعلى لوجه جميل وجذاب وموهبة متقنة لواحدة من افضل بنات جيلها فى مجال التمثيل، لكن (هارد لك) يا نسرين!
يحتوي الفيلم على سيل من الشتائم والمشاهد الغير معتاده على السينما المصرية.. يظهر عمرو يوسف فى مشهد طويل شبه عاري، بينما يقوم بالعديد من الايحاءات الجنسية بيده، بينما يحتوي الفيلم على العديد من الألفاظ الغير مسبوقة، مع العديد من التلميحات والعبارات والرقصات الجنسية الماجنة، حتي ان رواد السينما من الطبقة الشعبية والمتوسطة –وهى الطبقة المميزه لفترة الاعياد من رواد السينما- كانوا يصيحون استنكاراً مع كل مشهد او جملة حوارية.
الموسيقي التصويرية المتميزة لهشام نزيه تناغمت مع الديكورات الرائعة وزوايا التصوير واستخدام مكثف للاضاءة وتكنيكاتها المختلفة. مشهد (البار) على سبيل المثال احتوي العديد من كادرات التصوير المتميزة، والتكوينات البصرية المختلفة والتى تستحق التحية.
ولاد رزق ليس افضل اعمال السينما المصرية، لكنه فيلم اعياد ينتمي لفئة الحركة والتشويق والاثارة، يصلح للمشاهدة فى التليفزيون فى عطلة نهاية الاسبوع.